للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهِيداً? [البقرة: ١٤٣] .

معنى قوله ?أُمَّةً وَسَطاً? عدول خيار.

وقال ابن الملقن: أنا أرى أن وسطاً في هذا الموضع بمعنى الجزء الذي هو بين الطرفين، مثل: وسط الدار، وأرى أن الله تعالى إنما وضعهم بذلك لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه كالنصارى، ولا أهل تقصير فيه كاليهود، ومعنى قوله: ?لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ? أي: على الأمم أن رسلهم بلغوهم الرسالة، ومعنى: ?وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً? أي: ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - معدلاً ومزكياً لكم، وذلك أن الله يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم يقول لكفار الأمم: ألم يأتكم نذير فينكرون ويقولون: ما جاءنا من نذير، فيسأل الأنبياء عن ذلك فيقولون: كذبوا فقد بلغناهم، فيسألهم البينة وهو أعلم بهم إقامة للحجة، فيؤتى بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيشهدون لهم أنهم قد بلغوا فتقول الأمم الماضية: من أين علموا وأنهم أتوا بعدنا؟ فيسأل هذه الأمة فيقولون: أرسلت إلينا رسولاً وأنزلت إلينا كتاباً أخبرتنا فيه بتبليغ الرسل، وأنت صادق فيما أخبرت، ثم يؤتى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فيسأل عن حال أمتهم فيزكيهم ويشهد بصدقهم.

ومن فضائل هذه الأمة: أن الله تعالى سماها صالحين فقال: ?وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ? [الأنبياء: ١٠٥] أي: كتبنا في الكتب المنزلة من بعد اللوح المحفوظ أن الأرض أي: أرض الجنة، وقيل: الأرض التي فتحها المسلمون كالحجاز والعراق وغيرها، يرثها عبادي الصالحون أي: أمة محمد، فسماهم صالحين كما في الآية الأخرى: ?وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ القَوْمِ الصَّالِحِينَ? [المائدة: ٨٤] .

ومن فضائلها: أنه وصفها بالفلاح فقال تعالى: ?قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ? [المؤمنون: ١] .

ووصفها بالخير فقال: ?كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ? [آل عمران: ١١٠] وقيل: معناه كنتم خير أمة في اللوح المحفوظ.

قال بعض المفسرين: معنى الآية: أنتم خير أمة أخرجت للناس لأنكم تأمرونهم بالمعروف وتنهوهم عن المنكر، وتردونهم إلى الإسلام، وتدخلوا إلى الجنة وتمنعوهم دخول النار.

ومن فضائلها: أنه يعطى كل منهم يهودياً أو نصرانياً فيقال له: يا مسلم هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>