للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فداؤك من النار، ويدل عليه ما رواه ابن ماجه في سننه (١) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن أمتي أمة مرحومة فإذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل رجل رجل من أهل الشرك، فقيل: هذا فداؤك من النار» (٢) .

قال القرطبي: قال علماؤنا: ظاهر هذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في هذا المعنى الإطلاق والعموم، وليست كذلك وإنها هى في ناس مذنبين تفضل الله عليهم بمغفرته ورحمته، فأعطى كلا منهم فكاكاً من النار من الكفار.

واستدلوا على هذا بحديث مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى» (٣) .

قالوا: ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فيغفرها لهم» أنه يسقط المؤاخذة عنهم بها حتى كأنهم لم يذنبوا، ومعنى وضعها على اليهود والنصارى أنه يضاعف عليهم عذابهم بقدر جرمهم وجرم مذنبي المسلمين، أو أخذوا بذلك وإلا فالله تعالى لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره كما قال تعالى: ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى? [الأعراف: ١٦٤] وله سبحانه أن يضاعف لمن يشاء العذاب ويخفف عن من يشاء بحكم إرادته ومشيئته، إذ لا يسأل عما يفعل.

فائدة: جميع الأمم سبعون أمة وهذه الأمة هي خاتمتها وأفضلها، كما ورد في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة» (٤) .

وروى الطبراني في المعجم الأوسط وحسنه الهيثمي (٥) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن


(١) وقع في الأصل: ما رواه مسلم في صحيحه. ولعل الصواب ما أثبتناه فالحديث أخرجه ابن ماجه عن أنس، وعلق عليه البوصيري في مصباح الزجاجة، وهذا يدل على تفرد ابن ماجه برواية الحديث عن باقي أصحاب الكتب الستة، ومنهم الإمام مسلم.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/١٤٣٤، رقم ٤٢٩٢) عن أنس، قال البوصيري (٤/٢٥٧) : هذا إسناد ضعيف لضعف كثير وجبارة.
(٣) أخرجه مسلم (٤/٢١٢٠، رقم ٢٧٦٧) عن أبي موسى.
(٤) أخرجه مسلم (٢/٥٨٥، رقم ٨٥٥) عن أبي هريرة.
(٥) وقع في الأصل: ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن. ولعل الصواب ما أثبتناه فالحديث أخرجه الطبراني في الأوسط، وعلق عليه الهيثمي في مجمع الزوائد، وهو لا يعلق إلا على الأحاديث التي لم ترد في الكتب الستة ومنها سنن الترمذي وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>