للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانياً: «أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة» وثالثاً: «أما رضيتم أن تكونوا شطر أهل الجنة» لأن ذلك أوقع في نفوسهم وأبلغ في إكرامهم، فإن إعطاء الإنسان مرة بعد أخرى دليل على الاعتناء به، وأيضاً له حكمة أخرى وهو أنهم في كل مرة كانوا يشكرون الله ويكبرونه ويحمدونه على إعطائهم ذلك، كما يدل عليه قوله: «فكبرنا» أي: عظمنا ذلك أي قلنا: الله أكبر، ففي التكرار رحمة بهم على تحديد شكر الله وتكبيره وحمده على كثرة نعمه.

ومن فضائلها ما ذكره الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال موسى - عليه السلام - يارب هل خلقت أمة أكرم عليك من أمتي؟ قال الله: يا موسى إن فضل أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على سائر الخلق كفضلي على جميع خلقي. قال: يارب ليتني رأيتهم. قال: يا موسى إنك لن تراهم، ولو أردت أن تسمع كلامهم أسمعتك. قال: يارب فإني أريد أن أسمع كلامهم. قال الله - عز وجل -: يا أمة أحمد، فأجبنا كلنا من أصلاب آبائنا وأرحام أمهاتنا، لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. قال الله تعالى: يا أمة أحمد إن رحمتي سبقت غضبي، وعفوي سبق عقابي، وقد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وقد غفرت لكم قبل أن تعصوني، من جاء في يوم القيامة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسولي وعبدي جعلت الجنة مأواه، وإن كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر» .

وذكر الثعلبي أيضاً عن كعب الأحبار: أن موسى عليه الصلاة والسلام نظر في التوراة فقال: إنى أجد أمة خير الأمم أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون أهل الضلالة، حتى يقاتلوا الأعور الدجال، رب أجعلهم أمتي. قال: هي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يا موسى.

فقال رب إني أجد أمة هي الحمادون رعاة الشمس المحكمون إذا أرادوا أمراً قالوا: نفعل إن شاء الله فاجعلهم أمتي. قال: هي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فقال: ربي إني أجد أمة يأكلون كفاراتهم وصدقاتهم، وكان الأولون يحرقون صدقاتهم بالنار، وهم المستجيبون والمستجاب لهم، الشافعون والمشفوع لهم، فاجعلهم أمتي. قال: هي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فقال: إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شِرف كبر الله، وإذا هبط وادياً حمد الله، الصعيد لهم طهر، والأرض لهم مسجد، حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء، غر محجلون من آثار الوضوء

<<  <  ج: ص:  >  >>