للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي فيها الماء والعنزة لأجل أن يستنجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال العلماء: «الإداوة» بكسر الهمزة: إناء صغير من جلد يتخذ للماء كالسطحية ونحوها، وتجمع على «أداوى» والمراد بالغلام في هذا الحديث ونحوه: أبو هريرة قاله بعض العلماء.

وفيه أشكال وهو: أن الغلام الذي كان يحمل الإداوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار، بدليل ما جاء في بعض الروايات: فانطلقت أنا وغلام من الأنصار، فإن الأنصار كما تقدم لقب على الأوس والخزرج، وأبو هريرة ليس من القبيلتين بل هو دوسي يماني.

وجواب هذا الإشكال: أنه أطلق عليه أنصاري مجازاً كما قاله ابن حجر، فإن الأنصار حقيقة من كان من الأوس والخزرج، فإطلاقه على من ليس منهما مجازاً.

وهكذا يجاب عن كل من أطلق عليه بأنه من الأنصار وليس من القبيلتين كأبي بكر الصديق.

فإنه ورد في هذا الحديث الصحيح أن يهودياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك، فقال: «من؟» قال رجل: من الأنصار (١) .

قال العراقى: الضارب في هذا الحديث «أبو بكر» ، والمضروب «فيحاص بن عاذوراء» مع أن أبا بكر من المهاجرين لا من الأنصار، لكنه أطلق عليه بأنه منهم مجازاً كما قاله ابن حجر لوجود معنى النصر فيه، وأي ناصر من الصحابة كأبي بكر.

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد البازلي الكردي (٢) : وجه تسمية أبي هريرة بأنه أنصاري لأنه نصر سيد الخلق بكثرة رواية الحديث.

قال: وأي نصرة أقوى من حمل الحديث وإظهاره على رؤوس الأشهاد، فهو نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلسانه بسبب كثرة الأحاديث التي رواها عنه، فإنه أكثر الصحابة رواية.

ويدل على أن ذلك يسمى نصرة وجهاد قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ? [التوبة: ٧٣] أي: جاهد الكفار بالسيف والسنان، والمنافقين بإظهار الحجة، وبيان المحجة باللسان، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قط ما جاهد منافقاً بالسيف بل باللسان.


(١) أخرجه البخاري (٢/٨٥٠، رقم ٢٢٨١) ، ومسلم (٤/١٨٤٥، رقم ٢٣٧٤) عن أبي سعيد الخدري.
(٢) البازلي هو: محمد بن داود بن محمد البازلي، أبو عبد الله، شمس الدين، فاضل، من الشافعية. كردي الاصل، من العمادية. ولد في جزيرة ابن عمرو سنة: ٨٤٥ هـ‍، وتعلم في أذربيجان، وأقام في حماة من سنة ٨٩٥ إلى أن توفي سنة: ٩٢٥ هـ‍، من كتبه: غاية المرام في رجال البخاري، وتقدمة العاجل لذخيرة الآجل، وحاشية على شرح جمع الجوامع للمحلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>