يفسد ملكك، فأمر بقتل كل من يولد في تلك الليلة، فلما ولد دانيال ألقته أمه في أجمة أسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه فنجاه الله تعالى بذلك.
فانظر ما أعظم هذه العصمة.
ومما وقع له في الكبر ما رواه البيهقي في الشعب: أن دانيال طرح في جب وألقيت عليه السباع تلحسه ويتبصبصن إليه فأتاه رسول فناداه فقال: يا دانيال فقال: من أنت؟ قال: أنا رسول ربك إليك أرسلني بطعام فقال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره (١) .
والذي ألقاه في الجب وألقى عليه السباع بخت نصر.
فقد روى ابن أبي الدنيا أن بخت نصر أمسك أسدين وألقاهما في جب، وجاء بدانيال فألقاه عليهما فمكث ما شاء الله له، ثم إنه اشتهى الطعام والشراب فأوحى الله إلى أرميا وهو بالشام أن يذهب إلى دانيال بطعام وهو بأرض العراق، فذهب إليه حتى وقف على الجب، وقال: دانيال، دانيال. فقال: من هذا؟ قال: أرميا، قال: ما جاء بك؟ قال: أرسلني إليك ربك، فقال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي لا يخيب من رجاه، والحمد لله من وثق به لم يكله إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً، والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاةً وغفراناً، والحمد لله الذي يكشف ضرنا بعد كربنا، والحمد لله الذي هو ثقتنا حين يسوء ظننا بأعمالنا، والحمد لله الذي هو رجاءنا حين تنقطع الحيل عنا.
ثم أخرجه بخت نصر من الجب بسبب رؤيا رآها عجز الناس عن تفسيرها، ففسرها دانيال فأعجبه وأكرمه ونقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك.
وقبره بنهر السوس ووجده أبو موسى الأشعري فأخرجه وكفنه وصلى عليه ثم قَبَرَه في نهر السوس، وأجرى عليه الماء فأخذ خاتمه ولبسه في يده قاله الدميرى.
فائدة: روى عن ابن السني في عمل اليوم والليلة من حديث داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال:«إذا كنت بواد تخاف فيه السبع فقل: أعوذ بدانيال والجب من شر الأسد» .
قال الدميرى: لما ابتلى دانيال أولاً وآخراً بالسباع، جعل الله الاستعاذة به في ذلك تمنع الذي لا يستطاع.
* * *
(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٢/١١٦، رقم ١٣٣٨) عن سالم. وأخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في الشكر (١/٦٠، رقم ١٧٦) عن علي بن أبي طالب.