للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عصمته أيضاً ما ذكره السمرقندى: أن رجلاً من بني المغيرة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقتله فطمس الله على بصره فلم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع قوله فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه.

وفي هذا أنزل الله تعالى: ?إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَداًّ وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداًّ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ? [يس: ٨، ٩] .

ومن عصمته هداية الله تعالى من أراد قتله للإسلام ما روي: أن رجلاً يعرف بشبيبة بن عثمان أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، وكان حمزة قد قتل أباه وعمه، فقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما اختلط الناس أتاه من خلفه ورفع سيفه ليصيبه علَيْه، قال: فلما دنوت منه ارتفع إلي شواظ من نار أسرع من البرق، فوليت هارباً، وأحس بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده على صدري وهو أبغض الخلق إلي، فما رفعها إلا وهو أحب الخلق إلي، وقال لي: «ادن فقاتل» فتقدمت أمامه أضرب بسيفي، وأقيه بنفسي ولو لاقيت أبي تلك الساعة لأوقعت به دونه (١) .

فانظر كيف عصمه الله من هذا وهداه بسببه للإسلام، وصار أحب الخلق إليه.

ونظير هذا ما ورد عن فضالة بن عمرو قال: أردت قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، وهو يطوف بالبيت فلما دنوت منه قال: يا فضالة قلت: نعم، قال: ما كنت تحدث به نفسك؟ قلت: لا شيء، فضحك واستغفر لي ووضع يده على صدري، فسكن قلبي، فوالله ما رفعها حتى ما خلق الله شيئاً أحب إلي منه (٢) .

فائدة: دانيال عصمه الله أيضاً من أعداءه من الآدميين والسباع وغيرهم وكان دانيال في أيام بخت نضر، وكان الله أعطاه النبوة والحكمة واتفق له غرائب في حال صغره وحال كبره.

فمما اتفق له في حال الصغر ما روى ابن أبي الدنيا: أن الملك الذي كان دينال في سلطانه جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد في ليلة كذا وكذا غلام


(١) أخرجه الطبراني في الكبير (٧/٢٩٨، رقم ٧١٩٢) قال الهيثمي (٦/١٨٤) : فيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (٤/٣٠٨) ، والسيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (٣/٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>