للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل: أقام يومه ذلك مطروحاً إلى الليل، فحمله رجال على باب ليدفنوه فعرض لهم ناس ليمنعوهم من دفنه، فوجدوا قبراً كان قد حفر لغيره فدفنوه فيه، وصلى عليه جبير بن مطعم.

وروى عن مالك أنه قال: لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام، فلما كان في الليل أتاه اثنى عشر رجلاً منهم حويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير واحتملوه فلما صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه، ناداه قوم من بني مازن: والله لئن دفنتموه ها هنا لنخبرن الناس غداً، فاحتملوه حتى ساروا إلى «حش كوكب» فاحتفروا له «وكوكب» اسم رجل من الأنصار «والحش» البستان، وكان عثمان قد اشتراه منه وزاده في البقيع (١) ، فكان أول من قبر فيه هو، وكان رضى الله عنه إذا مر «بحش كوكب» يقول: يدفن ها هنا رجل صالح، حتى دفن هو فيه.

ونقل عن الحسن أنه قال: شهدت عثمان بن عفان وقد دفن في ثيابه بدمائه، واختلف هل صلى عليه أم لا؟

فروي أنه أقام في «حش كوكب» ثلاثاً مطروحاً لا يصلى عليه، حتى هتف بهم هاتف: ادفنوه ولا تصلوا عليه فإن الله - عز وجل - صلى عليه.

وقيل: صلى عليه وغشيهم في الصلاة عليه وفي دفنه سواد، فلما فرغوا منه نودوا: أن لا روع عليكم اثبتوا، وكانوا يرون أنهم الملائكة حضروا جنازته.

ونقل المحب الطبرى عن الحسن عن الحسن بن على قال: ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضعاً يده على العرش، ورأيت أبا بكر واضعاً يده على منكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت عمر واضعاً يده على منكب أبي بكر، ورأيت عثمان واضعاً يده على منكب عمر ورأيت دماً دونه، فقلت: ما هذا؟ قال: دم عثمان يطلب الله به. (أخرجه الديلمى في كتابه الشفا) .

وأنشد حسان فيه:

قلتم ولي الله في جوف داره ... وجئتم بأمر جائر غير مهتدى

فلا ظفرت أيمان قوم تعاونوا ... على قتل عثمان الرشيد المسدد

وأنشد كعب بن مالك فيه وقال:

يا للرجال لأمر هاج لي حزنا ... لقد عجبت لمن يبكي على الزمن


(١) أي وسع به أرض البقيع قاله الحافظ ابن حجر في الإصابة (٤/٤٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>