للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي في كتابه «البستان» : حكي أن بعض المبتدعين سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإنه لا يدري أين باتت يده» ، فقال المبتدع: أنا أدري أين باتت يدي، باتت في الفراش، فأصبح وقد أدخل يده في دبره حتى ذراعه.

قال الإمام النووي: ومن هذا المعنى ما وجد في زماننا وتواترته الأخبار وثبت عند القضاة: أن رجلاً في قرية من بلاد البصرة في أوائل سنة خمس وستين وستمائة، كان سيئ الاعتقاد فيهم، فجاءه ابنه من عند شيخ صالح معه سواك، فقال: ما أعطاك شيخك مستهزئاً؟ فقال: هذا السواك فأخذه وأدخله في دبره احتقاراً له، فبقى مدة ثم ولد ذلك الرجل أي: الذي أدخل السواك في دبره جرواً قريب الشبه بالسمكة فقتله ومات الرجل في الحال، أو بعد يومين عافانا الله من بلائه.

ولا تزول هذه الكراهة إلا بغسل اليدين ثلاثاً ولا يكره غسلهما في البرك والحياض، وكذا لا يكره في الإناء إذا تيقن طهارتهما.

ولابد في حصول سنة غسل اليدين إلى الكوعين أن يغسلهما قبل المضمضة والاستنشاق، فلو غسلهما بعدهما لا يكون محصلاً للسنة لقوله في الحديث: «فغسلهما حتى أدخل يمينه في الإناء فمضمض» فأتى بالفاء المقتضية للترتيب وزيادة وهو التعقيب.

وفي الحديث دلالة على جواز الاستعانة في إحضار الماء.

قال العلماء: ترك الاستعانة في الوضوء سنة، لأنها نوع من التنعم والتكبر، وذلك لا يليق بحال المتعبد، والأجر على قدر النصب.

والاستعانة على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يستعين بغيره ليصب عليه الماء لغير عذر، فهذه الاستعانة خلاف الأولى، أما إذا كانت لعذر كمرض ولو كان خفيفاً، فلا يكون خلاف الأولى، بل مباحاً دفاعاً للمشقة، ولو كان بالإنسان مرض شديد أو أقطع لزمه أن يستأجر إنساناً ليعينه على الطهارة إن لم يحصل له متبرع، وإن حصل له متبرع وجب عليه القبول.

القسم الثاني: أن يستعين بمن يغسل له الأعضاء بلا عذر ترفعاً فهذه مكروهة قطعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>