للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث: الاستعانة بإحضار الماء والإناء والدلو فمباحة بالإجماع من غير كراهة فلا خلاف الأولى، فلهذا طلب عثمان الإناء فتوضأ منه.

وفي الحديث دلالة على استحباب غسل الأعضاء المغسولة.

قال العلماء: من سنن الوضوء أن يغسل المتوضئ كل عضو ثلاثاً ثلاثاً، وهذه سنة بالإجماع، فقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا، كما دل عليه الحديث المذكور وغيره.

وتكره الزيادة على الثلاث ويكره النقص عنها لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما توضأ ثلاثاً ثلاثاً قال: «هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء أو ظلم» رواه أبو داود وغيره (١) .

قال النووي: أنه حديث صحيح ومعناه: فمن زاد على الثلاث أو نقص منها فقد أساء وظلم في كل من الزيادة والنقص.

وقيل: أساء في النقص وظلم في الزيادة.

وقيل: عكسه.

سؤال: فإن قيل: كيف يكون النقص من الثلاث إساءة وظلماً ومكروهاً وقد فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه توضأ مرة وتوضأ مرتين؟

جوابه: أنه فعل ذلك بياناً للجواز، وكان فعله لذلك في ذلك الحال أفضل، لأن البيان جائز، وليس معنى «أساء وظلم» ارتكب محرماً، بل معنى «أساء» ترك الأولى وتعدى حد السنة، ومعنى «ظلم» وضع الشيء في غير موضعه.

وأما مسح الرأس فهل يستحب تثليثه أم لا؟

ظاهر الحديث أنه لا يستحب فإنه قال فيه: «ثم مسح برأسه» ولم يقل ثلاثاً، والذي ذهب إليه إمامنا الشافعي أنه يستحب مسحه ثلاثاً كما يستحب ذلك في المغسول، فقد ورد: «أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه ثلاثاً» رواه البيهقي والحاكم وقال: إنه حسن (٢) .

وذهبت الأئمة الثلاثة إلى عدم استحبابه.

فائدة: إنما تحصل فضيلة تثليث مسح الرأس إذا أورد المسح ثانياً وثالثاً على ما


(١) أخرجه أبو داود (١/٣٣، رقم ١٣٥) ، والنسائي (١/٨٨، رقم ١٤٠) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٢) أخرجه البيهقي (١/٦٣، رقم ٢٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>