وروي الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: ?يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ? [الإسراء: ٧١] قال: «يدعي أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد في جسمه ستون ذراعاً ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم آتنا بهذا وبارك لنا في هذا حتى يأتيهم، ويقول لهم: أبشروا فإن لكل مسلم مثل هذا. قال: وأما الكافر فيسوء وجهه ويمد له في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم، فيلبس تاجاً من نار، فيراه أصحابه فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم لا تأتنا به قال: فيأتيهم، فيقولون: اللهم أخزه، فيقول: أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب (١) .
قال العلماء: إذا تناول العبد كتابه بيمينه يوم القيامة يعلم أنه من أهل الجنة، فيقول للناس اقرؤوا كتابيه.
قال تعالى: ?فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ? [الحاقة: ١٩] وذلك حين يؤذن الله تعالى بقراءة كتابه، فإذا كان الرجل رأساً في الخير يدعو إليه ويأمر به، فيكثر تبعه عليه، ودعي باسمه واسم أبيه، فيتقدم حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض، في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات، فيبدأ بالسيئات فيقرؤها فيصفر لونه ويخف من ذلك، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه سيئاتك وقد غفرت لك فيفرح عند ذلك فرحاً شديداً، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحاً حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه حسنات قد ضوعفت لك، فيفرح فيبيض وجهه، ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويكسى حلتين، ويحلي كل مفصل منه ويطول ستون ذراعاً وهي قامة آدم - عليه السلام - ويقال له: انطلق إلى أصحابك وبشرهم وأخبرهم: أن لكل إنسان منهم مثل هذا، فإذا أدبر قال: ?هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ? [الحاقة: ١٩، ٢٠] .
قال الله تعالى: ?فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ? [الحاقة: ٢١، ٢٢]
(١) أخرجه الترمذي (٥/٣٠٢ رقم ٣١٣٦) وقال: حسن غريب. وأخرجه أيضا: أبو نعيم في الحلية (٩/١٥) ، وأبو يعلى (١١/٣، رقم ٦١٤٤) ، وابن حبان (١٦/٣٤٦، رقم ٧٣٤٩) عن أبي هريرة.