قطوفها وثمارها وعناقيدها دانية أدنيت، فيقول لأصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون: لقد غمرتك كرامة الله تعالى من أنت؟ فيقول: أنا فلان ابن فلان ليبشر كل رجل منكم بمثل هذا.
?كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ? [الحاقة: ٢٤] أي: ما قدمتم في أيام الدنيا.
وإذا كان الرجل رأساً في الشر يدعو إلية ويأمر به فيكثر تبعه عليه، ونودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود، في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات، فيبدأ بالحسنات فيقرؤها ويظن أنه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه الحسنات ردت إليك فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير، ثم ينقلب كتابه فيقرأ سيئاته، فلا يزداد إلا حزناً ولا يزداد وجهه إلا سواداً، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه السيئات قد ضوعفت عليك أي: يضاعف عليه العذاب وتزرق عيناه، ويسود وجهه، ويكسى سرابيل القطران، ويقال له: انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا، فينطلق وهو يقول: ?يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ? [الحاقة: ٢٥، ٢٦، ٢٧] يعني: الموت ?مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ? [الحاقة: ٢٨، ٢٩] أي: هلكت عن حجتي.
وقيل: يدخل عنقه فيها، ثم يجر بها جراً، ولو أن حلقه وضعت على جبل لذاب، فينادي أصحابه فيقول: هل تعرفوني؟ فيقولون: لا، ولكن قد نرى ما بك من الخزي العظيم، فمن أنت؟ فيقول: أنا فلان ابن فلان لكل إنسان منكم مثل هذه.