للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يحول وجهه في موضع قفاه فيقرأ كتابه كذلك.

فائدة أخرى: هل يتناول كل أحد من المؤمنين كتابه بيمينه يوم القيامة؟ وهل ذلك مخصوص بالناجين من النار؟

حكى النووي والقاضي عياض في المسألة قولان:

أحدهما: أن جميع المؤمنين من الأمم يأخذون كتبهم بإيمانهم، ثم يعذب الله من يشاء من عصاتهم.

والثاني: إنما يأخذ بيمينه الناجون من النار خاصة وقد ورد في فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله قسم الخلائق قسمين وجعلني من خير القسمين، فذلك قوله: ?وَأَصْحَابُ اليَمِينِ? [الواقعة: ٢٧] ثم جعل القسمين ثلاثاً، فجعلني من خيرها ثلاثاً وذلك قوله: ?أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ? [البلد: ١٨] ، ?وَأَصْحَابُ المَشْأَمَةِ? [الواقعة: ٩] ، ?وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ? [الواقعة: ١٠] ، فأنا من السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني من خير قبيلة فذلك قوله تعالى: ?وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ? [الحجرات: ١٣] ، أنا أتقي ولد آدم، وأكرمهم ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً? [الأحزاب: ٣٣] » (١) .

إخواني كأنكم بهاذم الذات قد هجم، ونقلك إلى بيت الديوان والظلم، وفرق من شمل من الأحباب ما انتظم، وقد ندم المفرط حيث لا ينفع الندم، على الأعمال في الأيام الخالية، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية، أما تحذر من بوعيده حذرك، أما تستحي ممن وجدك وصورك، كأني بك والله وقد نسيك الحبيب وأفردك، وإلى ضيق قبرك أوردك، وعادت قلوب حزنت عليك سالية، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية.

ولقد أحسن من قال: واحسرتي واشقوتي في يوم نشر كتابيه، وأطول حزني إذا أوتيته بشماليه، وإذا سئلت عن الخطأ ماذا يكون جوابيه، وأحر قلبي أن يكون مع القلوب القاسية، كلا ولا قدمت له ولا ليوم حسابيه، بل إنني لشقاوتي وقساوتي


(١) أخرجه الطبراني في الكبير (٣/٥٦، رقم ٢٦٧٤) قال الهيثمي (٨/٢١٥) : فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، وعباية بن ربعي، وكلاهما ضعيف. وأورده ابن أبي حاتم في العلل (٢/٣٩٤، رقم ٢٦٩٣) وقال قال أبي: هذا حديث باطل. وذكره الحكيم (١/٣٣٠) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>