وعذابيه، بارزت في الزلات في أيام دهر خالية، من ليس يخفى عنه من قبح المعاصي خافية، استغفر الله العظيم وتبت من أفعاليه، فعسى الله يجود لي بالعفو ثم العافية.
فائدة: من سنن الوضوء المضمضة والاستنشاق، واختلف العلماء فيهما هل هما واجبان في الوضوء والغسل أو سنتان؟
فقال الشافعي ومالك: هما سنتان في الوضوء والغسل.
وقال أبو حنيفة: هما فرضان في الطهارة الكبرى، سنتان في الصغرى.
وقال أحمد: هما واجبان فيهما.
وأقل المضمضة والاستنشاق جعل الماء في فمه وأنفه، ولا يشترط مجة ولا إدارته في الفم، وتسن فيهما المبالغة في غير حق الصائم، وأما الصائم فتكره المبالغة، والمبالغة في المضمضة أن يوصل الماء إلى أقصى الحنك، مع إمرار الأصابع على ذلك، والمبالغة في الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم مع إدخال إصبع يده اليسرى وإزاله ما فيه من الأذى.
والحكمة في تقديم المضمضة والاستنشاق على فروض الوضوء: ليعلم المتوضئ أوصاف الماء هل تغيرت أم لا، فيعلم الطعم بالمضمضة والرائحة بالاستنشاق.
ولا بد في تحصيل سنه الاستنشاق من تقديم المضمضة عليه، فلو استنشق قبل أن يمضمض لا يثاب على سنته الاستنشاق.
والحكمة في تقديم المضمضة على الاستنشاق كما قاله عز الدين بن عبد السلام: أن منافع الفم أنفع من منافع الأنف، فإنه مدخل الطعام والشراب اللذين هما قوام الحياة، وهو محل الأذكار الواجبة والمندوبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك.
وللمضمضة والاستنشاق أربع كيفيات:
أفضلها كما قاله النووي: أن يجمع بين المضمضة والاستنشاق بثلاث غرف، يتمضمض بكل غرفة ثم يستنشق.
ومنها: تخليل اللحية الكثة من الرجل، وهي التي ترى بشرتها في مجلس التخاطب، فيجب غسل ظاهرها وباطنها.
ومنها: استيعاب الرأس بالمسح خروجاً من خلاف من أوجه، فلو مسح بعض الرأس وكمل الباقي على العمامة، وحصل له سنة مسح جميع الرأس، أما لو اقتصر على مسح العمامة من غير أن يمسح على الرأس شيئاً، فلا يكفي.