وهو عمل أهل الحجاز، أخذاً بحديث أبي محذورة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لقَّنه إياه في مكة.
وذهبت الحنفية إلى عدم الاستحباب، احتجاجاً بالظاهر من حديث عبد الله بن زيد.
والإمام " أحمد " يجيز الأمرين، ولكنه يختار أذان بلال. قال ابن عبد البر: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح فإن رَبع أو رَجع أو ثنى الأذان مع إفراد الإقامة أو ثناها معه أو ثنى الألفاظ كلها فإنه جائز.
ما يؤخذ من الحديث من الأحكام:
١- وجوب الأذان والإقامة، أخذاً من صيغة الأمر الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصيغة تقتضي رفع الحديث. قال ابن حجر: هو قول محققي الطائفتين، من المحدثين والأصوليين.
٢- استحباب شفع الأذان وإيتار الإقامة، لأن الوجوب معارض بصفات للأذان والإقامة ثابتة، يؤخذ من مجموع الأدلة جواز جميع الوارد.
٣- شدة الاهتمام بالأذان على الإقامة، لكونه نداء للبعيد.
٤- المراد بشفع الأذان ماعدا التكبيرات الأربع في أوله، وكلمة التوحيد في آخره، فإنها مخصصة بأدلة أخرى.
٥- المراد بوتر الإقامة ماعدا التكبيرتين في أولها و [قد قامت الصلاة] ، فإنهما مشفوعتان لتخصيصهما بأدلة أخر.
الحديث الثاني
عَنْ أبي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ الله السُوَائي قالَ: أتيتُ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم وهوَ في قُبّةٍ لَه حَمرَاءَ مِنْ أدَم، قَالَ: فخَرَج بِلالٌ بوَضُوءٍ، فَمِنْ نَاضِح وَنائِل فَخَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ كَأنّي أنْظرُ إلَى بياضِ سَاقَيهِ، قَالَ: فَتوَضأ وَأذّنَ بِلال. قال: فَجَعَلْتُ أتَتَبَّع فَاهُ ههُنَا ههُنَا، يَقُولُ يَميناً وشِمَالاً. حَي عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاح. ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَة فَتَقَدَّم وَصَلّى الظهْرَ رَكعَتَينِ. ثُم لم يزَل يُصلي رَكْعَتَين حَتَّى رَجَعَ إلَى المَدِينَةِ.