للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشوق إلى صَرْفِهِ إلى استقبال الكعبة المشرفة. فأنزل الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلّبَ وَجْهِكَ في السمَاء فَلَنُوَليَنكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَ فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسجِد الْحَرَاَم} .

فخرج أحدُ الصحابة إلى مسجد " قُباء " بظاهر المدينة، فوجد أهله لم يبلغهم نسخ القبلة، ويصلون إلى القبلة الأولى، فأخبرهم بصرف القبلة إلى الكعبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل إليه قرآن في ذلك. يشير إلى الآية السابقة وأنه صلى الله عليه وسلم استقبل الكعبة في الصلاة.

فمن فقههم وسرعة فهمهم وصحته استداروا عن جهة بيت المقدس- قبلتهم الأولى- إلى قبلتهم الثانية، الكعبة المشرفة.

أحكام الحديث:

١- القبلة: أول الهجرة كانت إلى بيت المقدس، ثم صرفت إلى الكعبة.

٢- أن قبلة المسلمين، استقرت على الكعبة المشرفة. فالواجب استقبال عينها عند مشاهدتها واستقبال جهتها عند البعد عنها.

٣- أن أفضل البقاع، هو بيت الله، لأن القبلة أقرت عليه، ولا يقر هذا النبي العظيم وهذه الأمة المختارة إلا على أفضل الأشياء.

٤- جواز النسخ في الشريعة، خلافا لليهود ومن شايعهم من منكري النسخ.

٥- أن من استقبل جهة في الصلاة، ثم تبين له الخطأ أثناء الصلاة، استدار ولم يقطعها، وما مضى من صلاته صحيح.

٦- أن الحكم لا يلزم المكلف إلا بعد بلوغه، فإن القبلة حُولت، فبعد التحويل وقبل أن يبلغ أهل " قباء " الخبر، صلوا إلى بيت المقدس، فلم يعيدوا صلاتهم.

٧- أن خبر الواحد الثقة -إذا حفتْ به قرائن القبول- يصدق ويعمل به، وإن أبطل ما هو متقرر بطريق العلم.

٨- وفيه أن العمل ولو كثيراً في الصلاة، إذا كان لمصلحتها، مشروع.

٩- وفيه دليل على قبول خبر " الهاتف " و " اللاسلكى " في دخول شهر رمضان أو خروجه، وغير ذلك من الأخبار المتعلقة بالأحكام الشرعية، لأنه وإن كان نقل الخبر من فرد إلى فرد، إلا أنه قد حَفَ به من قرائن الصدق، ما يجعل النفس تطمئن ولا ترتاب في صدق الخبر، ولتجربة المتكررة أيدت ذلك.

<<  <   >  >>