للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن دقيق العيد قال: يقتضي هذا تخفيف ما العادة فيه التطويل، أو تطويل ما العادة فيه التخفيف.

وهداني الله تعالى إلى المعنى المذكور في "المعنى الإجمالي" من أنه إذا طولَ القراءة طول كلها من الأركان، فيكون قريبا من السواء تطويلا وتخفيفا.

ومثل القراءة القعود للتشهد. ثم بعد كتابته، وجدته رَأى ابن القيم في كتاب "الصلاة" و"تهذيب السنن" وهذا هو الحق، إن شاء الله تعالى.

الحديث الثامن

عَنْ ثَابِتٍ البناني، عَنْ أنَس بن مَالِك رضيَ الله عَنْهُ قال: إني لا آلو (١) أنْ أصَليَ بكم كَمَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلي بِنَا.

قال ثابت: فَكَانَ أنَس يَصنعُ شَيْئاً لا أرَاكُم تصْنَعُونَهُ. كَانَ إِذَا رَفَعَ رأسه مِنَ الرُكُوعِ، انتصَبَ قَائِماً، حَتى يَقُولَ الْقَائلُ: قدْ نَسيَ، وَإِذَا رَفَعَ رأسه مِنَ السجدَةِ مَكَثَ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قَدْ نَسىَ.

المعنى الإجمالي (٢) :

يقول " أنس " رضي الله عنه، إني سأجتهد فلا اقَصر أن أصلي بكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بنا، لتقتدوا به، فتصلوا مثله.

قال الراوي ثابت البناني: فكان أنس يصنع شيئا من تمام الصلاة وحسنها، لا أراكم تصنعون مثله.

كان يطيل القيَام بعد الركوع، والجلوس بعد السجود.

فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل -من طول قيامه- قد نَسيَ أنه في القيام الذي بين الركوع والسجود. وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل -من طول جلوسه-: قد نسى.

ما يؤخذ من الحديث:

فيه دليل على مشروعية تطويل القيام بعد الركوع، وتطويل الجلوس بعد السجود، وأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) "لا آلو" بالمد في أوله، وضم اللام. أي لا أقصر.
(٢) تنبيه: سيأتي الكلام على الطمأنينة في حديث المسيء في صلاته، إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>