وذكَّرهم، ثم مضى حتى أتى النِّساء فوعظهنَّ فقال يا معشر النِّساء: "تَصدَّقْنَ فإنَّكُنَّ أكثر حطب جهنَّم".
فَقَامَتِ امْرَأة من سطة النِّسَاء سَفْعاءُ الخَدَّين فَقَالتْ: لمَ يا رَسُول الله؟
قال: " لأنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاة وتكفرن العشير ".
قَال: فَجَعَلْن يَتَصَدَّقْن من حُليِّهِنَّ: يُلْقِينَ في ثَوْب بلاَل من أقْراطِهنَّ وخَواتِيمِهِنَّ. رواه مسلم.
الغريب:
سِطَة النساء: بكسر السين وفتح الطاء المخففة، أي جالسة وسطهن.
سفعاء الخدين: قال في المحكم: السفَع السواد والشحوب.
الشَّكاة: هي بفتح الشين والقصر، بمعنى الشكاية، وهي الشكوى.
أقراطهن: هو جمع " قُرط " بضم القاف وهو ما يعلق بشحمة الأذن.
متوكئا: متحاملاً. حث: حرض. لم: أصله لما وحذفت الألف من ما، الاستفهامية بسبب اللام. الحُلِىّ: جمعُ حَلي: وهو ما يتخذ للزينة من المعادن الكريمة.
المعنى الإِجمالي:
صلي النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة العيد بلا أذان لها ولا إقامة فلما فرغ من الصلاة خطبهم فأمرهم بتقوى الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي ولزوم طاعة الله في السر والعلانية، وأن يتذكروا وعد الله ووعيده ليتعظوا بالرهبة والرغبة، ولكون النساء في معزل عن الرجال بحيث لا يسمعن الخطبة. وكان حريصاً على الكبير والصغير، رؤوفا بهم، مشفقاً عليهم.
اتجه إلى النساء، ومعه بلال، فوعظهن، وذكرهن، وخصهن بزيادة موعظة وَبَيَّنَ لهن أنهن أكثر أهل النار، وأن طريق نجاتهن منها الصدقة لأنها تطفىء غضب الرب.
فقامت امرأة جالسة في وسطهن وسألته عن سبب كونهن أكثر أهل النار ليتداركن ذلك بتركه فقال:
لأنكن تكثرن الشكاة والكلام المكروه، وتجحدن الخير الكثير إذا قصر عليكن المحسن مرة واحدة.
ولما كان نساء الصحابة رضى الله عنهم سبَّاقات إٍلي الخير وإلى الابتعاد عما يغضب الله أخذن يتصدقن بحليهن التي في أيديهن، وآذانهن، من الخواتم والقروط، يلقين ذلك في حجر بلال، محبة في رضوان الله وابتغاء ما عنده.