للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفردة ولابد، ولا يجوز له غير ذلك.

فإن أحرم بحج أو بقران حج وعمرة، ففرض عليه أن يفسخ إهلاله ذلك، بعمرة يحل إذا أتمها، لا يجزئه غير ذلك.

وذهب ابن القيم إلى هذا الرأي حيث قال في كتابه زاد المعاد بعد أن ساق حديث البراء بن عازب، ونحن نشهد الله علينا، أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضاً علينا فسخه إلى عمرة، تفادياً من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتباعاً لأمره.

فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صح حرف واحد يعارضه، ولا خص به أصحابه، دون مَنْ بعده، بل أجرى الله سبحانه وتعالى على لسان سراقة أن يسأله: هل ذلك مختص بهم؟ فأجاب: بأن ذلك كائن لأبد الأبد.

فما ندري ما تقدم على هذه الأحاديث وهذا الأمر المؤكد، الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من خالفه.

فهؤلاء، لما رأوا تكاثر الأحاديث في الأمر به، وغضب الرسول صلى الله عليه وسلم من أجله، لم يقنعوا إلا بالقول بوجوبه وفريضته.

وحديث البراء المشار إليه هو ما أخرجه ابن ماجه، والإمام أحمد وصححه، عن البراء بن عازب قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال: فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة".

قال: فقال الناس: يا رسول الله قد أحرمنا بالحج، كيف نجعلها عمرة.

قال: "انظروا ما آمركم به فافعلوا" فردوا عليه القول فغضب.

ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان، فرأت الغضب في وجهه فقالت: "من أغضبك أغضبه الله؟ ".

قال: "ومالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا يُتَّبعُ".

فهذا وأمثاله، متمسك من أوجبوا الفسخ.

الحديث الثاني

عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رضِي الله عَنْهُمَا قالَ: قدِمْنَا مَعَ سُولِ الله صلى الله عليه وسلم

وَنَحْنُ نَقُولُ " لَبَّيْكَ بالْحَجِّ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً.

المعنى الإجمالي:

يقول جابر: قدمنا في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهلِّين بالحج ومُلبِّينَ به، لأن

<<  <   >  >>