للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثمن، إن كان مشتريا، أو أشتريها منك بأكثر من ثمنها، إن كان بائعا، ليفسخ البيع، ويعقد معه.

وكذا بعد الخيارين، نهى عن ذلك، لما يسببه هذا التحريش من التشاحن والعداوة والبغضاء؛ ولما فيه من قطع رزق صاحبه.

٣- ثم نهى عن النجش، الذي هو الزيادة في السلعة لغير قصد الشراء، وإنما لنفع البائع بزيادة الثمن، أو ضرر المشترى بإغلاء السلعة عليه ونهى عنه، لما يترتب عليه من الكذب والتغرير بالمشترين، ورفع ثمن السلع عن طريق المكر والخداع.

٤- وكذلك نهى أن يبيع الحاضر للبادي سلعته لأنه يكون محيطاً بسعرها؛ فلا يبقى منه شيئاً ينتفع به المشترون. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " دعوا الناس، يرزق الله بعضهم من بعض". وإذا باعها صاحبا، حصل فيها شيء من السعة على المشترين. فالنهى عن بيع الحاضر للبادي، فيه التضييق على المقيمين.

٥- ثم نهى عن بيع التغرير والتدليس، وهو ترك اللبن في ضروع بهيمة (١) الأنعام، ليجتمع عند بيعها فيظن المشترى أن هذا عادة لها فيشتريها زائداً في ثمنها مالا تستحقه، فيكون قد نهَى المشترى وظلمه.

فجعل الشارع له مدة يتدارك بها ظلامته، وهي الخيار ثلاثة أيام له أن يمسكها، وله أن يردها على البائع بعد أن يعلم (٢) أنها مصراة.

فإن كان قد حلب اللبن ردها ورد معها صاع تمر بدلا منه.

ما يؤخذ من الحديث:

١- النهي عن تلقى القادمين، لبيع سلعتهم، والشراء منهم، قبل أن يصلوا إلى السوق.

فالنهى يفيد التحريم.

وسيأتي قريباً أن البيع صحيح أو باطل.

٢- الحكمة في النهي لئلا يخدعوا، فيشترى منهم سلعهم بأقل من قيمتها بكثير (٣) .

٣- تحريم البيع على بيع المسلم وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة: عندى مثلها بتسعة.


(١) إنما عبرت ببهيمة الأنعام مع أن الذي في الحديث الغنم فقط، لورود الإبل في بعض طرق الحديث وأما ترك البقر، فلقلتها في بلاد العرب العدنانيين، والحكم فيها واحد، لاتحاد المعنى.
(٢) قيدت بالعلم، مع أن الحديث قيده بالحلب، لأن الحلب طريق للعلم، فإذا حصل بطريق أخرى كشهادة عدل أو اعتراف البائع، خير المشتري بين الإمساك والرد، ولو لم يحلبها.
(٣) عبرت بلفظة (بكثير) لتتفق حكمة هذا النهي مع حكمة النهي عن بيع الحاضر للبادي -ا. هـ - شارح.

<<  <   >  >>