للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين أكتافكم: بالتاء المثناة الفوقية جمع " كتف ". وقد ورد في بعض الروايات بالنون. و " أكناف " جمع " كنف " بفتح الكاف والنون، هو الجانب.

المعنى الإجمالي:

للجار على جاره حقوق تجب مراعاتها، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صلة الجار، وذكر أن جبريل مازال يوصيه به حتى ظن أنه سيورثه من جاره، لعظم حقه، وواجب بره.

فلهذا تجب بينهم العشرة الحسنهَ، والسيرة الحميدة، ومراعاة حقوق الجيزة، وأن يكف بعضهم عن بعض الشر القولي والفعلي. فلا يؤمن بالله تعالى من لا يأمن جاره بوائقه.

ومن حسن الجوار، ومراعاة حقوقه، أن يبذل بعضهم لبعض، المنافع التي لا تعود عليهم بالضرر الكبير مع نفعها للجار.

ومن ذلك أن يريد الجار، أن يضع خشبة في جدار جاره.

فإن لم يكن ثَم حاجة إلى ذلك، ينبغ لصاحب الجدار أن يأذن له، مراعاة لحق الجار.

وإن كان ثَم حاجة لصاحب الخشب، وليس على صاحب الجدار ضرر من وضع الخشب، فيجب على صاحب الجدار أن يأذن له في هذا الانتفاع، الذي ليس عليه منه ضرر مع حاجة جاره إليه. ويجبره الحاكم على ذلك إن لم يأذن.

فإن كان ثَم ضرر، أو ليس هناك حاجة، فالضرر لا يزال بالضرر.

والأصل في حق المسلم المنع، ولذا فإن أبا هريرة رضى الله عنه، لما علم مراد المشرع الأعظم من هذه السنة الأكيدة، استنكر منهم إعراضهم في العمل بها، وتوعدهم بأن يلزمهم بالقيام بها، فإن للجار حقوقا فرضها اللَه تعالى تجب مراعاتها والقيام بها.

ما يستفاد من الحديث:

١- النهْىُ عن منع الجار أن يضع خشبة على جدار جاره، إذا لم يكن عليه ضرر من وضعها، وكان في الجار حاجة إلى ذلك.

٢- قيد وضع الخشب بعدم الضرر على صاحب الجدار، وبحاجة صاحب الخشب، لأن التصرف في مال الغير ممنوع إلا بإذنه.

فلا يجوز إلا لحاجة من عليه له الحق وهو الجار، كما أنه لا يوضع مع تضرره لأًن الضرر لا يزال بالضرر.

٣- هل النَهْىُ على وجه التحريم أو الكراهة؟ يأتي بيان ذلك إن شاء الله.

٤- فهم أبو هريرة رضى اللَه عنه أن الجار متحتم عليه بَذْلُ ذلك لجاره، ولذلك فإنه استنكر عليهم إعراضهم عن هذه السنة. وتهددهم بالأخذ بها.

<<  <   >  >>