للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- هذا من حقوق الجار الذي حضً الشارع على بره والإحسان إليه، فنعلم من هذا عِظَمَ حقوقه ووجوب مراعاتها.

ولهذا فإنه يقاس على وضع الخشب غيره، من الانتفاعات، التي يكون في الجيران حاجة إليها، وليس على مالك نفعها مضرة كبيرة في بذلها، فيجب بذلها ويحرم منعها.

اختلاف العلماء:

أجمع العلماء على المنع من وضع خشب الجار على جدار جاره مع وجود الضرر إلا بإذنه لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا ضرر ولا ضرار ".

واختلفوا فيما إذا لم يكن على صاحب الجدار ضرر، وكان بصاحب الخشب حاجة إلى ذلك، بأن لا يمكنه التسقيف إلا به.

ذهب الأئمة الثلاثة، أبو حنيفة،: مالك، والشافعي في المشهور عنهم إلى أنه لا يجوز وضع الخشب على حائط الجار إلا بإذن صاحب الجدار وإن لم يأذن، فلا يجبر عليه.

مستدلين على ذلك بأصل المنع من حق الغير إلا برضاه كحديث " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " وحديث " إن أموالكم وأعراضكم عليكم حرام " ونحو ذلك من الأدلة.

وذهب الإمام أحمد، وإسحاق وأهل الحديث إلى وجوب بذل الجدار لصاحب الخشب مع حاجة الجار إليه وقلة الضرر على صاحب الجدار وإجباره على ذلك مع الامتناع.

وقال بهذا القول، بعض المالكية، وهو قول لأبي حنيفة، ومذهب الشافعي في القديم. والدليل على ذلك ما يأتي:

١- ظاهر هذاَ الحديث الذي معنا، فإنه ورد بصيغة النهي، والنهي يقتضي التحريم، وإذا كان المنع حراماً، فإن البذل واجب.

٢- أبو هريرة الذي روى الحديث، استنكر عدم الأخذ به، وتوعد على ذلك، وهذا يقتضي فهمه لوجوب البذل وتحريم المنع، وراوي الحديث، أعرف بمعناه.

<<  <   >  >>