للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو قدم هذا الدين وتشريعاته السمحة إلى الناس كما هي، بعيدة عن أكاذيب المفترين، وخرافات المتنطعين، لأخذ به كل منصف، ولأصبح الدين هو النظام العام، وتحققت رسالته العامة

الحديث الأول

عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضيَ الله عنْهُمَا: أنَهُ طَلق امْرَأتهُ وَهي حَاِئض، فَذَكرَ ذلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فتَغَيظ مِنْهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالَ: "ليراجعها ثم يمسكها حَتى تَطْهرَ، ثم تَحِيض فَتَطْهُر، فَإن بَدَا له أن يُطلقَهَا فَليُطلقهَا قَبْل أن يمسها، فَتِلك العدة كمَا أمر الله عَزَ وَجَل".

وفي لفظ " حَتى تحِيضَ حَيْضَةَ مستقبلة، سوى حيضتها الَّتي طَلقَهَا فِيهَا ".

وفي لفظ: فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا، وَرَجَعَهَا عَبْد الله كَمَا أمَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المعنى الإجمالي:

طلق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض، فذكر ذلك أبوه للنبي صلى الله عليه وسلم، فتغيظ غضبا، حيث طلقها طلاقا محرما، لم يوافق السنة.

ثم أمره بمراجعْتها وإمساكها حتى تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض أخرى ثم تطهر منها.

وبعد ذلك- إن بدا له طلاقها ولم ير في نفسه رغبة في بقائها- فليطلقها قبل أن يطأها.

فتلك العدة، التي أمر الله بالطلاق فيها لمن شاء.

ومع أن الطلاق في الحيض محرم ليس على السنة، فقد حسبت عليه تلك الطلقة من طلاقها، فامتثل رضي الله عنه أمر نبيه، فراجعها.

ما يؤخذ من الحديث:

١- تحريم الطلاق في الحيض، وأنه من الطلاق البِدعِي الذي ليس على أمر الشارع.

٢- أمره صلى الله عليه وسلم ابن عمر برجعتها، دليل على وقوعه.

ووجهته أن الرجعة لا تكون إلا بعد طلاق، ويأتي الخلاف في ذلك إن شاء الله. والأمر برجعتها يقتضي الوجوب، وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد والأوزاعي، وحمله بعضهم على الاستحباب وذهب إليه الشافعي ورواية عن أحمد واحتجوا بأن ابتداء النكاح ليس بواجب فاستدامته كذلك.

٣- الأمر بإرجاعها إذا طلقها في الحيض، وإمساكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر.

<<  <   >  >>