للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤- قوله [قبل أن يمسها] دليل على أنه لا يجوز الطلاق في طُهْر جامعَ فيه.

٥- الحكمة في إمساكها حتى تطهر من الحيضة الثانية، هو أن الزوج ربما واقعها في ذلك الطهر، فيحصل دوام العشرة، ولذا جاء في بعض طرق الحديث [فإذا طهرت مسها] .

وقال (ابن عبد البر) الرجعة لا تكاد تعلم صحتها إلا بالوطء لأنه المقصود في النكاح.

وأما الحكمة في المنع من طلاق الحائض، فخشية طول العدة.

وأما الحكمة في المنع من الطلاق في الطهر المجامع فيه فخشية أن تكون حاملا، فيندم الزوجان أو أحدهما.

ولو علما بالحمل لأحسنا العشرة، وحصل الاجتماع بعد الفرقة والنفرة.

وكل هذا راجع إلى قوله تعالى {فَطَلقوهُن لعدتهن} ولله في شرعه حكم وأسرار، ظاهرة وخفية.

اختلاف العلماء:

ذهب جمهور العلماء- ومنهم الأئمة الأربعة رضي الله عنهم: إلى وقوع الطلاق في الحيض.

ودليلهم على ذلك أمره صلى الله عليه وسلم ابن عمر بارتجاع زوجته حين طلقها حائضاً.

ولا تكون الرجعة إلا بعد طلاق سابق لها، ولأن في بعض ألفاظ الحديث "فحسبت من طلاقها".

وذهب بعض العلماء- ومنهم شيخ الإسلام (ابن تيميه) وتلميذه (ابن القيم) إلى أن الطلاق لا يقع فهو لاغ.

واستدلوا على ذلك بما رواه أبو داود والنسائي [أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهى حائض، قال عبد الله: فردها علي ولم يرها شيئا] .

وهذا الحديث في (مسلم) بدون قوله: [ولم يرها شيئا] .

وقد استنكر العلماء هذا الحديث، لمخالفته الأحاديث كلها.

وأجاب (ابن القيم) عن أدلة الجمهور بأن الأمر برجعتها، معناه إمساكها على حالها الأولى، لأن الطلاق لم يقع في وقته المأذون فيه شرعا فهو ملغى، فيكون النكاح بحاله.

وأما الاستدلال بلفظ " فحسبت من طلاقها" فليس فيه دليل، لأنه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأطال (ابن القيم) النقاش في هذا الموضع في كتاب [تهذيب السنن] على عادته في الصولات والجولات، ولكن الأرجح ما ذهب إليه جمهور العلماء. والله أعلم.

<<  <   >  >>