للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمرَّ عليهما (مجزِّز المدلجي) القائف، وهما قد غَطَّيَا رَأسيْهما في قطيفة، وبدت أرجلهما.

فقال إن بعض هذه الأقدام لَمنْ بعض، لما رأى بينهن من الشبه.

وكان كلام هذا القائف على سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فسُرَّ بذلك سرورا كثيرا، حتى دخل على عائشة وأسارير وجهه تَبْرق، فرحا واستبشارا للاطمئنان إلى صحة نسبة أسامة إلى أبيه، ولِدحْض كلام الذين يطلقون ألسنتهم في أعراض الناس بغير علم.

ما يؤخذ من الحديث:

١- العمل بقول القافة في إلحاق النسب، مع عدم ما هو أقوى منها، كالفراش، وهو قول الأئمة الثلاثة، استدلالا بسرور النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، ولا يسر إلا بحق.

وخالفهم أبو حنيفة، فلم يعمل بها، واعتذر عن الحديث بأنه لم يقع فيه إلحاق متنازع فيه.

٢- يكفي قائف واحد، ولكن اشترط العلماء فيه أن يكون عَدْلا مجرباً في الإصابة وهذا حق. فإنَّه. لا يقبل الخبر، ولا ينفذ الحكم، إلا ممن اتصف بهذين الوصفين.

٣- تشوف الشارع الحكيم إلى صحة الأنساب، وإلحاقها بأصولها.

٤- الفرح والتبشير بالأخبار السارة، وإشاعتها. خصوصا ما فيه إزالة ريبة أو قالَة سوء.

٥- لا تختص بالقيافة قبيلة بعينها، وإنما يعمل بخبر من اجتمعت فيه شروط الإصابة من القافة.

٦- ظن الفقهاء أن القائف يمكن أن يلحق الولد بأكثر من أب، وأثبت الطب الحديث أن الحيوان المنوي الذي يحصل منه الإلقاح لا يكون من ماءَين لرجلين.

الحديث الثالث

عَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْري رضي الله عَنْهُ قَالَ: ذُكِرَ العَزلُ لرسول اللَه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "ولِمَ يَفعَلُ ذلِكَ أحدكم"؟ -وَلَمَ يقل: فَلا يَفعَلْ ذلكَ أحدكم- فَإنَّهُ "لَيسَتْ نَفسٌ مَخْلُوقَة إلاَّ الله خالُقها".

الغريب:

العزل: نزع الذكر من الفرج إذا قارب الإنزال، ليزل خارجه.

لم يفعل ذلك أحدكم؟ : استفهام بمعنى الإنكار.

المعنى الإجمالي:

ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يفعله بعض الرجال في نسائهم وإمائهم.

فاستفهم منهم النبي صلى الله عليه وسلم عن السبب الباعث على ذلك بصيغة الإنكار.

ثم أخبرهم صلى الله عليه وسلم عن

<<  <   >  >>