للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصدهم من هذا العمل بالجواب المقنع المانع عن فعلهم.

وذلك بأن الله تعالى قد قدر المقادير، فليس عملكم هذا براد لنسمة قد كتب الله خلقها وقدر وجودها، لأنه مقدر الأسباب والمسببات.

فإذا أراد خلق النطفة من ماء الرجل، سرى من حيث لا يشعر، إلى قراره المكين.

ما يستفاد من الحديث:

١- يأتي حكم العزل والخلاف فيه قريبا، إن شاء الله تعالى.

٢- إنكار العزل بقصد التحرز عن خلق الولد، لأن فيه اعتمادا على الأسباب وحدها.

٣- أنه ما من نفس مخلوقة إلا وقد قدر الله وجودها، ففيه الإيمان بالقَدَر، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

وليس فيه تعطيل للأسباب، فإنه قدر الأشياء وقدر لها أسبابها، فلا بد من عمل الأسباب، والله يقدر ما يشاء ويفعل ما يريد.

فتعطيل الأسباب، وعدم الإيمان بتأثيرها، أو الاعتماد عليها وحدها، كلاهما مذهب مذموم.

والمذهب الحق المختار الوسط، هو الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن للأسباب تأثيرا وهو مذهب أهل السنة، وبه تجتمع الأدلة العقلية والنقلية. ولله الحمد.

الحديث الرابع

عَن جَابِر رضي الله عَنْهُ قالَ: كُنَّا نَعْزِلُ وَالقُرآن يَنْزِلُ. لَوْ كَانَ شيئا يُنهَى عَنْهُ لَنَهَانَا عَنْهُ القُرَانُ.

المعنى الإجمالي:

يخبر (جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما: أنهم كانوا يعزلون من نسائهم وإمائهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقرهم على ذلك، ولو لم يكن مباحا ما أقرهم عليه.

فكأنه قيل له: لعله لم يبلغه صنيعكم؟

فقال: إذا كان لم يبلغه فإن الله- تبارك وتعالى- يعلمه، والقرآن ينزله. ولو كان مما ينهى عنه، لنَهى عنه القرَان، ولما أقرنا عليه المشرع.

ما يستفاد من الحديث:

١- أن الصحابة كانوا يعزلون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والله سبحانه مطلع على عملهم، فأقرهم عليه، وكأن الراوي -سواء أكان جابراَ أم سفيان- أراد بهذا أن العزل موجود في زمن التشريع ولما لم ينزل به شيء استدل أنه جائز أقر الشارع عليه عباده، وبهذا يندفع استغراب ابن دقيق العيد.

وقد جاء في صحيح (مسلم) أنه بلغه ذلك حيث قال جابر: (فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينهنا) .

<<  <   >  >>