للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذب الشافعي، وعطاء: إلى أنه لابد من أربع نسوة، لأن كل امرأتين في منزلة الرجل الواحد.

وذهب مالك، والحكم: إلى أنه لا يقبل إلا شهادة امرأتين، لأن الرجال أكمل شهادة، ومع هذا لا يقبل في الشهادة إلا رجلان.

وذهب الحنفية: إلى أنه لا يقبل إلا رجلان، أو رجل وامرأتان.

لقوله تعالى: {وَاستشْهِدُوا شَهِيدَين مِنْ رِجالِكُم فَإنْ لَم يَكُونَا رَجُلَين فَرَجُل وَامرَأتانِ} والجمهور على عدم العمل بهذا الحديث، وحملوه على أنه من باب الورع. وأن النهي فيه للتنزيه.

وذهب الإمام أحمد وهو من مفرداته عن الأئمة الثلاثة: إلى أنه يكتفي لثبوت الرضاع بشهادة امرأة مرضية. وقد نقل عن عثمان وابن عباس.

وقال بهذا القول طاوس، والحسن، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق.

ودليل هذا القول، حديث الباب الذي تقدم شرحه، وهو دليل واضح صحيح. والله الموفق.

فائدة:

ينبغي حفظ الرضاع وضبطه، في حينه، وكتابته.

فيحفظ من رضع منه ولده، ومن شاركه في الرضاع، ومن رضع من لبنه، ويبين مقدار الرضاع، ووقته، حتى لا تقع المشكلات بعد النكاح، فيحصل التفرق والندم، وتشتت الأولاد، والأسف على الماضي، وغير ذلك من المفاسد الكثيرة.

الحديث السادس

عَنِ الْبَراء بْنِ عَازِب رَضي اللَه عَنْهُ قَالَ: خَرَج رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم -يَعْني مِنْ مَكةَ- فَتَبِعَتْهُمُ ابُنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يا عم.

فَتَنَاوَلَهَا عَلي فَأخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: دونَك ابنةَ عَمكِ فَاحتَمَلَتْهَا.

فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلي، وَجَعْفَر، وَزيد.

فقال عَلي: أنَا أحَقُّ بِهَا وَهِي ابنةُ عَمي.

وَقَالَ جَعْفَر: ابنهُ عَمِّي وخالتها تَحْتي.

وَقَالَ زيد: بنْتُ أخِي.

فَقَضَى بِهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِخَالتهَا، وَقَالَ: "الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأم ".

وقالَ لِعَلىِّ: " أنْتَ مِني وَأنَا مِنْك".

قالَ لِجَعفَر: " أشبهت خَلْقِي وَخُلُقِي ".

وقالَ لِزَيدٍ: " أنتَ أخونا ومولانا" (١)


(١) بهذا السياق من أفراد (البخاري) : وكذا عزاه إليه البيهقي في سننه وعبد الحق في (الجمع بين الصحيحين) و (الترمذي) في الأطراف، ووقع لصاحب المنتقى وابن الأثير في جامع الأصول أنه من المتفق عليه، ومرادهما قصة الحديث منه، والبخاري ذكره في موضعين من صحيحه مطولا. اهـ- شارح.

<<  <   >  >>