للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اكتساب المال من الطرق الشرعية الكريمة"، فيكثر العمل، وتستخرج الثمار فيعمر الكون وتعز النفوس.

ومن حكمته تعالى، أن جعل النصاب الذي تقطع فيه اليد، ما يعادل ربع دينار من الذهب، حماية للأموال، وصيانة للحياة، ليستتب الأمن، وتطمئن النفوس، وينشر الناس أموالهم للكسب والاستثمار.

ما يستفاد من الحديث:

١- قطع يد السارق، والمراد بالسارق [الذي يأخذ المال من حرزه على وجه الاختفاء] وليس منه الغاصب والمنتهب والمختلس.

قال القاضي عياض رحمه الله: (صان الله الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة، كالاختلاس، والانتهاب، والغصب، لان ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمر، وتسهل إقامة البينة عليه، بخلاف السرقة، فإنه تندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها، واشتدت عقوبتها، ليكون أبلغ في الزجر عنها.

وقد أجع المسلمون على قطع السارق في الجملة.

٢- في الحديثين، أن نصاب القطع ربع دينار من الذهب " أو ما قيمته ثلاثة دراهم من الفضة، ويأتي- قريبا- مذاهب العلماء في بيان النصاب.

٣- قال ابن دقيق العيد: القيمة والثمن مختلفان في الحقيقة، فلو اختلفت القيمة والثمن الذي اشتراه به مالكه لم تعتبر إلا القيمة.

٤- للعلماء شروط في قطع يد السارق، تقدم بعضها:

وأهم الباقي أن يكون المسروق من حرز مثله، والحرز يختلف باختلاف الأموال والبلدان والحكام.

ومرجع الحرز، العُرْفُ. فلا قطع في سرقة من غير حرز مثلها.

وأن تنتفي الشبهة، فلا قطع من مال له فيه شبهة، كسرقة الابن من أبيه، أو الأب من ابنه، والفقير من غلة وقف على الفقراء، أو من مال له في شركة، وأن تثبت السرقة إما بإقرار من السارق معتبر، أو شاهدين عد لين.

٥- لهذا الحكم السامي، حكمته التشريعية العظمى.

فالحدود كلها- على وجه العموم- رحمة ونعمة. فإن في المجموعة البشرية أفراد، أشْرِبَتْ نفوسهم حبَّ الأذى، وإقلاق

<<  <   >  >>