للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس، وإفزاعهم في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، وأنه إذا لم يجعل لهؤلاء المجرمين رادع من التأديب والعقوبة، اضطربت الأحوال، وخاف الناس، وتقطعت السبل

ومن رحمته تعالى، أن جعل عقوبات تناسب هذه الجرائم ليرتدع بها المجرم وليكف عن الجرائم من يحاول غشيانها.

ومن ذلك قطع يد السارق.

فهذا المعتدى الذي ترك ما أباح الله تعالى له، واستحسنه الناس من المكاسب الشريفة، التي تعود عليه وعلى مجتمعه بالصالح العام، فأقدم على أموال الناس بغير حق، وأفزعهم وأخافهم، يناسبه في العقوبة أن تقطع يده، لأنها الآلة الوحيدة [لعملية الإجرام] .

ولكنا- مع الأسف- ابتلينا بهذه الطوائف المتزندقة، التي عشقت القوانين الأوروبية الآثمة، تلك القوانين التي لم تحجز المجرمين عن إفسادهم في الأرض، وإخافة الأبرياء في بيوتهم وسبلهم.

عشقوا تلك القوانين التي حاولت إصلاح المجرمين المفسدة بغير ما أنزل الله تعالى عليهم، من

العلاجات الشافية لهم، ولمن في قلبه مرض من أمثالهم، فلم تفلح، بل زادت عندهم الجرائم

والمفاسد. لأن عقابهم وعلاجهم السجن، مهما عظمت المعصية، وكبر الإجرام.

والسجن يلذ لكثير من المفسدين العاطلين، الذين يجدون فيه الطعام والشراب، وفي خارجه الجوع والبطالة.

وبالتجارب وجدنا حكومتنا [السعودية] وفقها الله، لما حكمت- ولله الحمد- بالشرع الشريف، خفت عندها أعمال الإجرام، لاسيما سلب الأموال.

بينما غيرها من الأمم القوية، تعج بالمنكرات، وعصابات المجرمين، وقطاع الطرق والمهاجمين. أعاد الله المسلمين إلى حظيرة دينهم، والعمل بما فيه من الخير والبركة.

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في قدر النصاب الذي تقطع فيه يد السارق.

فذهب الظاهرية: إلى أنه في القليل والكثير، مستدلين بقول الله تعالى {وَالسارِقُ وَالسًارِقَةُ فَاقطَعُوا أيْديَهُمَا} وهى مطلقة في سرقة القليل والكثير.

وبما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده".

وذهب جمهور العلماء: إلى أنه لابد في القطع من نصاب السرقة مستدلين الأحاديث الصحيحة في تحديد النصاب.

وأجابوا عن أدلة الظاهرية بأن الآية مطلقة في جنس المسروق وقدره، والحديث بيان لها.

وأما حديث البيضة والحبل، فالمراد بذلك بيان سخف وضعف عقل

<<  <   >  >>