للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السارق وخساسته ودناءته، فإنه يخاطر بقطع يده للأشياء الحقيرة التافهة.

فهذا التعبير نوع من أنواع البلاغة، فيه التنفير، والتبشيع، وتصوير عمل المعاصي بالصورة المكروهة المستقبحة.

ثم اختلف الجمهور في تحديد قدر النصاب الذي يقطع فيه، على أموال كثيرة، نذكر منها القوي.

فذهب مالك، وأحمد وإسحاق: إلى أن النصاب ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو عَرَض تبلغ قيمته أحدهما.

وذهب الشافعي إلى أن النصاب ربع دينار ذهبا، أو ما قيمته ربع دينار من الفضة أو العروض، وبه قال كثير من العلماء، منهم عائشة، وعمر بن عبد العزيز، والأوزعي، والليث، وأبو ثور.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه، وسفيان الثوري: إلى أن النصاب عشرة دراهم مضروبة أو ما يعادلها من ذهب أو عروض.

استدل الإمام أحمد، ومالك، بما رواه أحمد ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا ".

وكان ربع الدينار يومئذ، ثلاثة دراهم، والدينار اثني عشر درهما. رواه أحمد عن ابن عمر.

وكما في حديث الباب عن ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم "قطع في مجن قيمته ثلاثة در اهم".

واستدل الشافعي والجمهور بالحديث السابق " لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا " فإنه جعل الذهب أصلاً يرجع إليه في النصاب.

ولا ينافي حديث ابن عمر، فإن قيمة الدراهم الثلاثة في ذلك الوقت ربع دينار، لأن صرف الدينار اثنا عشر درهماً.

واستدل أبو حنيفة واتباعه، بما ثبت في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن، وقد اختلف في قيمة هذه المجن، حتى جاء بما أخرجه البيهقى والطحاوي من حديث ابن عباس. أنه كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم.

وهذه الرواية وإن خالفت ما في الصحيحين من أن قيمته ثلاثة دراهم، فالواجب الاحتياط فيما يستباح به قطع العضو المحرم، فيجب الأخذ به وهو الأكثر.

وبما أخرجه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لاَ قطع إلا في عشرة دراهم " وضعف العلماء هذا الحديث.

واختلف العلماء في حقيقة اليد التي تقطع على أقوال: وأصحها، ما ذهب إليه الجمهور،

<<  <   >  >>