للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن يعقد الحالف اليمين ظانًّا صدق نفسه، ثم يتبين بخلافه.

فهذان النوعان من لَغْوِ اليمين، ليس على صاحبها إثم ولا كفارة.

الحديث الأول

عِنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَمُرةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَبْدَ الرَّحْمنِ بْن سَمُرَةَ، لا تسأل الإمَارَةَ، فَإنَّك إن أعطيتها عَنْ مَسْألةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا، وَإنْ أعطيتها عَنْ غَيْر مَسْألةٍ أعنْتَ عَلَيْهَا. وإذا حَلَفْتَ على يِمِين فَرَأيْتَ غَيرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الًذِي هُوَ خَير".

الحديث الثاني

عَنْ أبي مُوسىَ رَضيَ الله عَنْهُ قَال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني والله- إنْ شَاءَ الله- لا أحْلِفُ على يَمِين فَأرى غيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا إلا أتيت الًذِي هُوَ خَير، وَتَحَلَّلْتُهَا".

المعنى الإجمالي:

يرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سمرة، وهذا النصح والإرشاد للأمة عامة.

فيقول: لا تطلب الإمارة، والولايات والوظائف عامة، وتحرص عليها وعلى تحصيلها بالوسائل والوسائط.

فإن وليتها عن هذا الطريق، فإنك ستُوكَلُ إلى جهدك وقوتك.

وأنت- بلا عَوْنِ الله تعالى وتوفيقه- ضعيف قاصر. ولذا فإنك ستخفق في عملك.

وذلك إنك اتَّكَلْتَ على جهدك، وجئت العمل عن غرور وعجب بنفسك، ولم يكن- لطلب العون من الله والتوفيق- محل في نفسك. فحريٌّ إن يخذلك.

ولأنك غالبا ما طلبتها إلا لأغراضك الخاصة.

وستكون أغراضك من مال أو جاهٍ، أو غيرهما، هي مقصود ك وهدفك، ولن تعطى العمل حقه، فيكون ذلك سبباً لإخفاقك وعدم نجاحك أيضاً.

أما إن جاءتك من غير مسألة ولا طلب، فالغالب أنك- حين لم تستشرف لها- ستكون مهتما للقيام بها، والاجتهاد فيها.

وهذا سيدعوك إلى الالتجاء إلى الله تعالى بطلب مدده وعونه وتسديده، وستحرص على القيام بها، وبهذا تعان عليها فتنجح فيها.

ثم ذكر أنه قد يفرط منك يمين، بسبب الامتناع عن الإمارة أو قبولها، فأمرك أنك إذا حلفت على أمر لتفعله أو لِتَدَعَهُ، فإن كان لا يترتب على حلفك شيء، فأنت مخيَّر بين المضي فيها أو التكفير.

وإن كان الأحسن هو فعل المحلوف على تركه، أو ترك المحلوف على فعله فَائتِ الذي

<<  <   >  >>