للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو خير، وكفرْ عن يمينك.

وكما أن هذا أمره، فهو فعله الرشيد أيضاً، كما بينه في الحديث الثاني، حيث أقسم صلى الله عليه وسلم: أنه لا يحلف على يمين فيرى غيرها خيراً إلا أتى الذي هو خير، وتحلل من يمينه بكفارة.

ما يستفاد من الحديثين

١- كراهة طلب الإمارة، والمراد بها، الولايات والوظائف كلها، والحرص عليها لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو "من ابتغى القضاء وسأله وكل إلى نفسه، ومن كره عليه أنزل الله ملكاً يسدده" ولما في ذلك من تعريض نفسه لعمل قد لا يقوم بحقوقه فيكون مُعَرِّضاً نفسه للخطر، ولما في ذلك- غالباً- من العجب والغرور، فإنه ما طلبه إلا معتدا بنفسه وقوته، وناسيا إعانة الله تعالى وتوفيقه، ولما فيه غالبا من سوء القصد، فإنه لن يطلبها مع وجود من يقدم بها غيره إلا لغرض مال، أو جاهٍ أو غير ذلك من المقاصد الدنيئة.

٢- أن من جاءته الولاية بلا طلب ولا استشراف، فَسَيُعَانُ عليها، لأنه يرى القصور بنفسه، ويخاف العجز عنها، وحينئذ سيلتجئ إلى الله تعالى، فتأتيه الألطاف الإلهية بالعون والتسديد.، وسيحرص على عمله ويخلص فيه، فيكون سبباً لنجاحه وقيامه به.

٣- مناسبة هذه الفقرة في الحديث لما بعدها، ولعلها تكون ما بينه الزركشى بقوله [لاحتمال أن يؤديه الامتناع عن الإمارة] إلى الحلف، وتكون المصلحة في القبول] .

٤- أن من حلف أن لا يفعل كذا، أو أن يفعله، ثم رأى الخير في غير الذي حلف عليه، إما الفعل وإما الترك، فَليَأتِ الذي هو خير، ولْيكَفِّر عن يمينه. ويختلف هذا، باختلاف المحلوف عليه.

فقد يكون الحنث واجباً، وقد يكون مستحبا، وقد يكون حراماً، وقد يكون مباحاً. فيخَير بين البقاء على يمينه، أو الحنث مع التكفير.

٥- عند جمهور العلماء أن الكفارة رخصة شرعها الله تعالى لحل ما عقدت اليمين، ولذلك تجزئ قبل الحنث وبعده، وذكر عياض أن الذين قالوا بتقديم التكفير من الصحابة أربعة عشر صحابيا، كما قال به قبل الحنث ربيعه والأوزاعي والليث ومالك وأحمد وسائر فقهاء الأمصار غير أهل الرأي.

<<  <   >  >>