للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦- أن هذا التشريع، كما هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهو- أيضا- فعله. فقد أخبر أنه لا يحلف على يمين فيرى غيرها خيرا منها إلا أتى الذي هو خير، وكفر عن يمينه.

وهذا هو عين المصلحة، وهو تخفيف من ربنا ورحمة.

وكانت الأمم السابقة، ليس عندهم تحليل وتكفير، فلا بد من الوفاء بأيمانهم.

ولذا فإن أيوب عليه السلام، لما حلف أن يضرب زوجته، وترك عزمه. لم يجد لقضاء يمينه إلا أن يضربها بِضِغْثِ (١) فيه عدد الجلدات المرادة.

الحديث الثالث

عَنْ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضيَ الله عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله ينهاكم أنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ ".

ولـ"مسلم ": "فَمَنْ كَانَ حَالِفاً (٢) فَلْيَحْلِفْ بِالله أوْ لِيَصْمُت".

وفي رواية: قالَ عُمَرُ: فوالله مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَنْهَى عَنْهَا، ذَاكِراً وَلا آثِراً (يعني: حَاكِياً عَنْ غَيْرِي انَّهُ حَلَفَ بِهَا) .

الغريب:

ليصمت: بضم الميم وكسرها.

ذاكراً: يعني عامداً.

آثرا: بهمزة ممدودة، فثاء مثلثة مكسورة. يعنى حاكياً عن غيري: أن حلف بها. ومنه الزيادة ثابتة في صحيح (البخاري) أيضا من حديث ابن عمر، فتوجه فيها نقدان:

أحدهما: كونها ليست من أفراد (مسلم) .

الثاني: أنها ليست من سند عمر.

المعنى الإجمالي:

الحلف: معناه تأكيد الفعل أو الترك، بذكر المعظم في النفس، المرهوب السطوة والانتقام، والتعظيم المطلق، والخوف والخشية من الأعمال التي لا تكون إلا لله.

وصرفها لغيره، أو صرف بعضها، شرك. لهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله جل وعلا، ينهانا أن نحلف بشيء غيره كآبائنا، تلك العادة الجارية في الجاهلية، وأمرنا- إذا حلفنا- أن لا نحلف إلا بالله تعالى، لأنه المستحق للتعظيم، وهو القادر- وحده- على الانتقام من الكاذب، وهو


(١) الضغث: هو عثكال النخل بشماريخه، أو القبضة من القضبان.
(٢) هذه الرواية التي عزاها لـ (مسلم) ليست من هذا الوجه الذي أورده بل أوردها من رواية ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً، فليحلف بالله أو ليصمت.
وهذه الزيادة ثابتة في صحيح "البخاري" أيضا من حديث ابن عمر، فتوجه فيها نقدان:
أحدهما: كونها ليست من أفراد "مسلم".

<<  <   >  >>