الضار النافع.
وإن لم نكن حالفين بالله فَلْنَصْمُتْ وَلنسكتْ عن الحلف بغيره، فإنه شرك كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود، والحاكم، من حديث ابن عمر: (من حلف بغير الله كفر)
ولما علم الصحابة رَضي الله عنهم بالنهي عن ذلك، انتهوا عنه واجتنبوه. فكانوا لا يحلفون إلا بالله، أو بصفاته العلية.
ولذا قال عمر رضى الله عنه: (فو الله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينهى عنها، لا عامدا، ولا حاكيا، أي ناقلا كلام غيري) .
كل هذا احتراز من الوقوع في المحظور وابتعاد عنه.
ما يستفاد من الحديث:
١- تحريم الحلف بالآباء، لأنه الأصل في النهي. والنهي عن الحلف بالآَباء عام لكل شيء.
فلا يحل لمخلوق- كائنا ً من كان- أن يقسم ويحلف بغير الله جل وعلا.
أما الله سبحانه وتعالى فله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته.
ولهذا، فلا يحلْ الحلف بغير الله تعالى وصفاته، مهما كان عظم المحلوف به، كالنبي صلى الله عليه وسلم، والكعبة المشرفة، وغيرها.
٢- أن من أراد الحلف بغير اللَه فليلزم الصمت، فإنه أسلم له.
٣- وعلة النهى: أن الحلف يراد به التأكيد بذكر أعظم شيء في نفس الحالة وأشد عقاب وانتقام. وهذا لا يكون إلا لله تعالى وحده.
وصرفه لغيره كفر كما جاء في حديث ابن عمر. ولكنه كفر لا يخرج من الملة، فإن الكفر أنواع وأقسام.
٤- وأما ما وقع مما يخالف هذا النهى من قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبوه إن صدق) فقيل بعدم صحتها. قال ابن عبد البر: هذه اللفظة غير محفوظة. وقيل: إن " وأبيه " مصحفة عن (والله) قال ابن حجر: هو محتمل. وقيل إن هذا اللفظ مما يجرى على الألسنة بغير قصد القسم به وذكر النووي أنه ربما كان جائزا ثم نسخ.
٥- فضيلة عمر رضي الله عنه، بسرعة امتثاله وحسن فهمه وتورعِه. فلم يحلف بغير الله بنفسه، ولم يحك قَسَمَ غيره بغير الله، امتثالا وابتعاداً، لئلا يتعود لسانه عليه، فيخف عليه ويعتاده.