للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦- إنما خصَّ النهي عن الحلف بالآباء، مع أنه عامُّ في كل ما سوى الله تعالى، لأن هذه عادة جاهلية، فنص عليها بعينها، مع فهم المراد العام منها.

فقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب مع رَكب فسمعه يحلف بأبيه، فذكر الحديث.

الحديث الرابع

عَنْ أبي هُرَيرةَ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النَبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ عَلَيْهمَا السلام: لأطُوفَنَّ الّليلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأةً تَلِدُ كُلُّ امْرَأةٍ مِنْهُنً غلاماً يُقَاتِلُ في سَبِيلِ الله.

فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ الله. فَلَمْ يَقُلْ. فَطَافَ بِهنَّ فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُن إلا. امْرَأة وَاحِدَة نِصْفَ إنْسَانٍ.

قَالَ: فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم " لَوْ قَالَ: إنْ شَاء الله لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ ذلِكَ دَرَكاً لِحَاجَتِهِ ".

قوله: " قيل له: قُلْ: إنْ شَاءَ الله " يَعْني قال لَهُ المَلَكُ.

الغريب:

لأطوفن: اللام واقعة في جواب قسم مقّدر محذوف، كأنه قال: (والله لأطوفن) والنون للتأكيد.

وطاف بنسائه: ألَم بِهنَّ وقاربهن، والمراد به المجامعة.

دَرَكاً لحاجته: بفتح الدال المهملة والراء، اسم مصدر لـ (أدرك) والمراد به: اللحاق والوصول إلى الشيء.

والملك: بفتح الميم واللام، أحد الملائكْة.

المعنى الإجمالي:

سليمان عليه السلام نبي من أنبياء الله تعالى إلى بنى إسرائيل، وقد أعطاه الله من الملكً ما لم يعطه أحدا.

وكان من حرصه ورغبته في الخير وإعلاء كلمة الله بجهاد أعدائه، أن أقسم بالله تعالى أن يجامع تسعين امرأة، تلد كل واحدة منهن غلاما يشب ويقوى، حتى يجاهد في سبيل الله وأتى إلى شهوته بهذه النية الصالحة، لتكون عبادةً تقربه من ربه تبارك وتعالى، جاء واثقاً بربه، مخلصاً في مقصده، جازماً في تحقق مراده فأذهله ذلك، وأنساه عن الاستثناء بيمينه بأن يقول: (إن شاء الله) مع تذكير الملك له ذلك.

فطاف بهن، فلم تلد له منهن إلا واحدة جاءت بنصف إنسان، تأديبا من الله تعالى، وعظة لأوليائه وأصفيائه، وليرجعهم إلى كمالهم بالتعلق به وإدامةْ ذكره ومراقبته، فيما يأتون وما يذرون، وليعلم الناس أن الأمر لله وحده، وأنه المدبر المتصرف بالأمور.

فليس لنبي ولا لملك ولا لغيرهما مشاركة معه في ملكه وتصرفه، فهو القادر على كل شيء

<<  <   >  >>