للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- أنه يجوز عليه صلى الله عليه وسلم في أمور الأحكام، ما يجوز على غيره. فإنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر، والله يتولى السرائر، فهو يحكم بالبينة واليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر، مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك.

٣- إنما كلف بالحكم بالظاهر، مع إمكان إطلاع الله إياه على الباطن، فيحكم بيقين نفسه من غير حجة أو يمين، ليكون قدوة وتشريعا لأمته.

٤- فيه تسلية وعزاء للحكام.

فإنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد يظن غير الصواب لقوة حجة الخصم فيحكم له، فإن غيره من باب أولى وأحرى.

٥- اتفق الأصوليون على أنه صلى الله عليه وسلم لا يُقَر على خطأ. في الأحكام. فكيف التوفيق بين هذا الإجماع وهذا الحديث؟

قال النووي: والجواب: أنه لا تعارض، لأن مراد الأصوليين فيما حكم فيه باجتهاده.

وأما الذي في الحديث، فمعناه إذا حكم بغير اجتهاد كالبينة، فهذا إذا وقع منه ما يخالف ظاهره باطنه لا يسمى الحكم خطأ، بل الحكم صحيح بناء على ما استقر به التكليف، وهو وجوب العمل بالشاهدين مثلا، فإن كانا شاهدي زور أو نحو ذلك، فالتقصير منهما، بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد، فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع.

٦- أن حكم الحاكم لا يحيل ما في الباطن، ولا يحل حراما، وهو مذهب جماهير علماء المسلمين، وفقهاء الأمصار، ومنهم الأئمة الثلاثة، مالك، والشافعي، وأحمد.

فإذا حكم له الحاكم بالزوجة التي يعلم أنه ليست له زوجة، فلا تحل له، أو بالمال الذي يعلم أنه مبطل في دعواه، فلا يحل له، ونحو ذلك.

٧- التقييد ب (المسلم) خرج مخرج الغالب، وإلا فمثله الذمي والمعاهد.

٨- قوله: "فليحملها أو ليذرها" فيه تهديد شديد ووعيد أكيد على من أخذ أموال الناس بالدعاوى الكاذبة والحيل المحرمة، فهذا التعبير شبيه بقوله تعالى {اعملوا ما شئتم} .

٩- قال شيخ الإسلام: الصحابة إذا تكلموا باجتهادهم ينزهون شرع الرسول صلى الله عليه وسلم عن خطئهم وخطأ غيرهم كما قال ابن مسعود في المفوضة: أقول فيها برأي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله. ورسوله بريئان منه وكذلك روي عن الصديق في الكلالة، وكذلك عن عمر.

<<  <   >  >>