للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن كان قضاء، ففيه الحكم على الغائب، وإن كانت فتوى فليس فيه دليل.

إن كان قَضاء، ففيه أنه لا يجوز لغير هند أن تستقل بنفقة أولادها إلا بإذن القاضي، وإن كانت فتوى فيجوز الإنفاق لكل امرأة أشبهتها.

والصحيح أنها فتيا من النبي صلى الله عليه وسلم لا قضاء، ومذهبنا أنه قضاء.

٧- وفيه اعتماد العرف في الأمور التي ليس فيها تحديد شرعي، فقد جعل لها من النفقة الكفاية، وهذا راجع إلى ما كان متعارفا في نفقة مثلها وأولادها.

الحديث الثالث

عَنْ أم سَلَمةَ رَضيَ الله عَنْهَا: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إلَيْهمْ فَقَالَ: "ألا إنَّمَا أنَا بَشَرٌ مِثْلكُمْ وَإنَّمَا يَأتيني الْخَصْمُ، فَلَعَلِّ بَعْضَكُم أن يَكُونَ أبْلَغَ مِنْ بَعْض، فَأحْسَبُ أنهُ صَادِقٌ فَأقْضي لَهُ، فمَن قَضَيْتُ لَهُ بِحَق مسلم، فَإنَّمَا هِي قِطْعَةٌ مِنَ النًارِ فَلْيَحْمِلْهَا أوْ يَذرْهَا".

الغريب:

جلبة: بفتح الجيم واللام والباء الموحدة، وهي اختلاط الأصوات.

لِيَذرْهَا: ليتركها، و [أو] ليست للتخيير، بل للتهديد والوعيد.

المعنى الإجمالي:

سمع النبي صلى الله عليه وسلم أصوات خصوم مختلطة، لما بينهم من المنازعة والمشاجرة عند بابه فخرج إليهم ليقضي بينهم فقال:

إنما أنا بشر مثلكم، لا أعلم الغيب، ولا أخبر ببواطن الأمور، لأعلم الصادق منكم من الكاذب، وإنما يأتنيي الخصم لأحكم بينهم، وحكمي مبني على ما أسمعه من حجج الطرفين وبيِّناتهم وأيْمَانِهِم، فلعل بعضكم يكون أبلغ وأفصح وأبينَ من بعض فأحسب أنه صادق مُحِق، فأقضي له.

مع أن الحق- في الباطن- بجانب خصمه، فأعلموا أن حكمي في ظواهر الأمور لا بواطنها، فلن يحل حراما، ولذا فإن من قضيت له بحق غيره وهو يعلم أنه مبطل، فإنما أقطع له قطعة من النار، فليحملها إِن شاء، أو ليتركها. فعقاب ذلك راجع عليه، والله بالمرصاد للظالمين.

ما يستفاد من الحديث

١- فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب والأمور الباطنة إلا بتعليم الله له، ونبه على ذلك بقوله: [إنما أنا بشر] .

فلا يجوز أن يرفع فوق قدره الرفيع، الذي جعله الله له، صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>