وهذه نبذة تفتح الباب أمام طالب العلم، ليراجع ويتدبر، ويفكر، وسيجد فيه من كنوز المعرفة، الخير الوفير.
والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فوائد:
قال القحطاني: كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه، والذي شككت فيه هو محل الريبة، فإن الريبة الشك والتردد، وحديث "دع ما يريبك" أفاد أنك إذا شككت في شيء فدعه، واترك ما تشك فيه.
قال الغزالي: الورع أقسام: ورع الصديقين: وهو ترك ما يتناول لغير نية القوة على العبادة. وورع المتقين: وهو ترك مالا شبهة فيه، ولكن يخشى أن يجر إلى الحرام. وورع الصالحين: وهو ترك مالا يتطرق إليه احتمال التحريم بشرط أن يكون لذلك الاحتمال موقع فإن لم يكن له موقع فهو ورع الموسوسين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: الفرق بين الزهد والورع أن الزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يخاف ضرره في الآخرة. قال ابن القيم: إن هذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها. وقال أيضاً: التحقيق أنها (أي النعم) وإن شغلته عن الله تعالى فالزهد فيها أفضل، وإن لم تشغله عن الله بل كان شاكراً فيها فحاله أفضل، والزهد فيهِا تجريد القلب عن التعلق بها والطمأنينة إليها.
قال الصنعاني: واعلم أنه يجمع الورع كله قوله صلى الله عليه وسلم " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه والحديث يعم الترك لما لا يعنى من الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشي وسائر الحركات الباطنة والظاهرة فهذه الحكمة النبوية شافية، في الورع كافية.
الحديث الثاني
عَنْ انس بن مَالِكٍ رضيَ الله عَنْة قَالَ: أنفَجْنَا أرنباً بمر الظَّهران فَسَعَى القَوْمُ فَلغَبُوا، وَأدركتُهَا فَأخَذْتُهَا، فَأتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِوَرِكِهَا أو فَخِذِهَا فَقَبِلَهُ.