٧- ولا بعيراً إلا لمأكله. ٨- ولا تغرقن نخلا ولا تحرقه. ٩- ولا تغلل. ١٠- ولا تجبن " رواه مالك في الموطأ.
وقال ابن الأنبارى- عند قوله تعالى: {لا إكْرَاهَ في الدينِ} معنى الآية: ليس الدين ما يدين به من الظاهر على جهة الإكراه عليه، ولم يشهد به القلب، فتنطوي عليه الضمائر، إنما الدين هو المعتقد في القلب.
ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تبين له أنه لم يكره أحداً على دينه قط. وأنه إنما قاتل من قاتله.
وأما من هادنه فلم يقاتله مادام مقيماً على هدنته، لم ينقض عهده. بل أمره الله تعالى أن يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له، كما قال تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكم فاستقيموا لَهُم} .
ولما قدم المدينة، صالح اليهود وأقرهم على دينهم.
فلما حاربوه، ونقضوا عهده، غزاهم في ديارهم، وكانوا هم يغزونه قبل ذلك، كما قصدوه يوم (أحد) ويوم (الخندق) ويوم (بدر) أيضاً هم جاءوا لقتاله، ولو انصرفوا عنه، لم يقاتلهم.
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم لم يكره أحداً على الدخول في دينه البتة. وإنما دخل الناس في دينه اختيارا وطوعاَ.
فأكثر أهل الأرض دخلوا في دعوته لما تبين لهم الهدى، وأنه رسول الله حقا. وقال ابن كثير عند قوله تعالى: {لا إكراه في الدين} أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بَين واضح جلية دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه.
بل من هداه الله للإسلام، وشرح صدره، ونور بصيرته، دخل فيه على بينة.
ومن أعمى اللَه قلبه، وختم على سمعه وبصره، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسوراً.
وكلام العلماء المحققين في هذا الباب كثير، وهو الذي يفهم من روح الإسلام ومبادئه ومقاصده.
ولكن أعداء الإسلام يأبون إلا أن يصفوه بما يشوهه ويشينه، للتضليل والتنفير.
وغزواته صلى الله عليه وسلم، التي فتحت القلوب والعقول، وحمل عليها الدفاع عن العقيدة المهددة، ومعاملاته، ومعاهداته، ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، تدحض تلك المزاعم فإن ربك أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
وقد بين ذلك ابن القيم في كتاب زاد المعاد حيث قال:
فصل: في ترتيب سياق هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي ربه عز وجل.