للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: "في سجود الشكر"]

ويسن سجود الشكر عند هجوم نعمة واندفاع نقمة لرؤية فاسق متظاهر، ويظهرها للمتظاهر أو رؤية مبتلى ويسرها، ويستحب في آية "ص" في غير الصلاة، فإن سجد فيها عامدًا عالمًا بالتحريم بطلت.

ــ

فعل" عامدًا عالمًا "بطلت صلاته" لأنه زاد فيها ما هو من جنس بعض أركانها تعديًا، بخلاف ما لو ضم إلى قصد السجود قصدًا صحيحًا من مندوبات القراءة أو الصلاة فإنه لا بطلان لمشروعية القراءة والسجود حينئذ، ولا بد في سجدتي التلاوة والشكر من شروط الصلاة والنية مع تكبيرة الإحرام والسلام إن كانت سجدتي التلاوة خارج الصلاة ويسن فيهما سائر سنن الصلاة التي يتأتى مجيئها هنا.

فصل: في سجود الشكر

"ويسن سجود الشكر عند هجوم١ نعمة" ظاهرة من حيث لا يحتسب سواء توقعها قبل ذلك أم لا، وسواء كانت له أم لنحو ولد أم لعامة المسلمين، وذلك كحدوث معرفة أو ولد أو نحو أخ أو جاه أو مال وإن كان له مثله وقدوم غائب ونصر على عدو. "واندفاع نقمة" ظاهرة من حيث لا يحتسب توقعها أم لا عمن ذكر٢ كنجاة من نحو غرق أو حريق وكستر المساوي لما صح "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسر به خر ساجدًا"٣، وخرج بالظاهرتين ما لا وقع له عادة كحدوث درهم وعدم رؤية عدو حيث لا ضرر فيها، وبما بعده: ما لو تسبب فيهما تسببًا تقضي العادة بحصولهما عقبه ونسبتهما إليه فلا سجود حينئذ، فعلم أنه لا نظر لتسببه في حصول الولد بالوطء والعافية بالدواء وبالهجوم المراد به الحدوث استمرار النعم واندفاع النقم فلا يسجد له لاستغراقه العمر في السجود. "و" يسن أيضًا "لرؤية فاسق متظاهر" بفسقه ومنه الكافر قياسًا على سجوده صلى الله عليه وسلم لرؤية المبتلى الآتي٤، ومصيبة الدين أشد من مصيبة الدنيا فطلب منه السجود شكرًا على السلامة من ذلك. "ويظهرها للمتظاهر" المذكور حيث لم يخف منه فتنة أو مفسدة لعله يتوب، وفي بعض النسخ فاسق متظاهر ظاهرًا وهي أحسن "أو رؤية مبتلى" ببلية في نحو بدنه أو عقله للاتباع. "ويسرها" ندبًا لئلا يتأذى بالإظهار، نعم إن كان غير معذور كمقطوع في سرقة ومجلود في زنى ولم يعلم توبته أظهرها له، وكرؤية من ذكر سماع صوته. "ويستحب" سجود الشكر "في" قراءة "آية ص في غير الصلاة"


١ هجوم النعمة: حصولها بغتة.
٢ أي نحو ولد أو أخ ... إلخ.
٣ رواه أبو داود في الجهاد باب ١٦٢ "حديث ٢٧٧٤" وابن ماجه في الإقامة باب ١٩٢، من حديث أبي بكر.
٤ بعد سطرين؛ وهو قوله: أو رؤية مبتلى ... للاتباع، وقد روي هذا الحديث البيهقي في السنن الكبرى.

<<  <   >  >>