للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: "في الدفن"]

وأقل الدفن حفرة تكتم رائحته وتحرسه من السباع، وأكمله قامة وبسطة وذلك أربعة أذرع ونصف، ويحرم نبشه قبل بلاء إلا لضرورة.

ــ

"إن بلغ أربعة أشهر" أي مائة وعشرين يومًا حد نفخ الروح فيه ولم تظهر فيه أمارة حياة، ولا تجوز الصلاة عليه لأن نحو الغسل أوسع بابًا منها إذ الذمي يفعل به ما ذكر إلا الصلاة، أما إذا لم يبلغ الأربعة فلا يجب فيه شيء من ذلك لكن يندب أو يوارى بخرقة وأن يدفن.

فصل: في الدفن

ويجب تقديم الصلاة عليه. "وأقل الدفن حفرة تكتم رائحته وتحرسه من السباع" لأن حكمة الدفن صونه عن انتهاك جسمه وانتشار رائحته المستلزم للتأذي بها واستقذار جيفته، فاشترطت حفرة تمنعهما، ومن ثم لم تكف الفساقي١ وإن منعت الوحش لأنها لا تكتم الريح، وخرج بالحفرة ما لو وضع على وجه الأرض وبني عليه ما يمنعهما٢ فإنه لا يكفي إلا إن تعذر الحفر كما لو مات بسفينة والساحل بعيد أو به مانع فيجب غسله وتكفينه والصلاة عليه، ثم يجعل بين لوحين ثم يلقى في البحر، ويجوز أن يثقل لينزل إلى القرار. "وأكمله" قبر واسع لما صح من أمره صلى الله عليه وسلم بذلك٣ وضابط ارتفاعه الأكمل "قامة وبسطة" أي قدرهما من معتدل الخلقة "وذلك أربعة أذرع ونصف" بذراع اليد وهي نحو ثلاثة أذرع ونصف بالذراع المعتدل المعهود. "ويحرم نبشه" أي القبر "قبل بلاء" الميت لإدخال ميت آخر أو لغير ذلك احترامًا لصاحبه "إلا لضرورة" كأن دفن بلا طهارة أو لغير القبلة أو في ثوب مغصوب أو أرض مغصوبة أو سقط في القبر متمول٤ فيجب النبش لحصول الستر المقصود من الكفن وحرمة الحرير لحق الله تعالى، ولو ابتلع مال غيره وجب النبش وشق جوفه إن طلب المالك، وكذا يجب شق جوف من ماتت وفيه٥ جنين وجبت حياته، وينبش أيضًا إن لحقه بعد الدفن نحو نداوة أو سيل أو دفن كافر بالحرم أو احتيج لمشاهدته للتعليق على صفة فيه أو لكون القائف٦ يلحقه بأحد المتنازعين فيه.


١ الفساقي: جمع فسقية، وهي حوض من الرخام ونحوه مستدير غالبًا تمج الماء فيه نافورة ويكون في القصور والحدائق والميادين "المعجم الوسيط: ص٦٨٩".
٢ أي ما يمنع انتشار رائحته وعدو السباع عليه.
٣ روى أبو داود في الجنائز باب ٦٧ "حديث ٣٢١٥" وأحمد في المسند "٤/ ٢٠" عن هشام بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر". ورواه بلفظ: "احفروا وأوسعوا وأعمقوا" البيهقي في السنن الكبرى "٣/ ٤١٢، ٤/ ٢٣٤".
٤ أي ما له قيمة مالية.
٥ أي جوفها.
٦ القائف: من يحسن معرفة الأثر وتتبعه.

<<  <   >  >>