للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرية طرش (١) منزل أبي عثمان، فجاءه يوسف بن بخت، وانثالت عليه الأموية، وجاءه جدار (٢) بن عمرو المذحجي من أهل مالقة، فكان بعد ذلك قاضيه في العساكر، وجاءه أبو عبدة حسان بن مالك الكلبي من إشبيلية فاستوزره، وانثال عليه الناس انثيالاً، فقوي أمره مع الساعات فضلاً عن الأيام، وأمده الله تعالى بقوة عالية، فكان دخوله قرطبة بعد ذلك بسبعة أشهر.

وكان خبر دخوله للأندلس قد صادف صاحبها يوسف الفهري بالثغر، وقد قبض على الحباب الزهري الثائر بسرقسطة، وعلى عامر العبدري الثائر معه، فبينما هو بوادي الرمل بمقربة من طليطلة وقد ضرب عنق عامر العبدري وابن عامر برأي الصميل إذ جاءه قبل أن يدخل رواقة رسول يركض من عند ولده عبد الرحمن بن يوسف من قرطبة يعلمه بأمر عبد الرحمن ونزوله بساحل جند دمشق، واجتماع الموالي المروانية إليه، وتشوف الناس لأمره، فانتشر الخبر في العسكر لوقته، وشمت الناس بيوسف لقتله القرشين عامراً وابنه، وختره بعدهما، فسارع عدد كثير إلى البدار لعبد الرحمن الداخل، وتنادوا بشعارهم، وقوضوا عن عسكره، واتفق أن جادت السماء بوابلٍ لا عهد بمثله لما شاء الله تعالى من التضييق على يوسف، فأصبح وليس في عسكره سوى غلمانه وخاصته وقوم الصميل قيس وأتباعه، فأقبل إلى طليطلة وقال للصميل: ما الرأي فقال: بادره الساعة قبل أن يغلظ في أمره، فإني لست آمن عليك هؤلاء اليمانية لحنقهم علينا، فقال له يوسف: أتقول ذلك ومع من نسير إليه وأنت ترى الناس قد ذهبوا عنا وقد أنفضنا من المال، وأنضينا الظهر، ونهكتنا المجاعة في سفرتنا هذه، ولكن نسير إلى قرطبة، فنستأنف الاستعداد له، بعد أن ننظر في أمره ويتبين لنا خبره، فلعله دون ما كتب


(١) طرش (Torrox) على الساحل الشرقي، وهي تعد اليوم في مديرية مالقة.
(٢) ق: حدران؛ المقتطفات: جديران؛ ابن عذاري: جدار؛ أخبار مجموعة (٧٦) : جداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>