للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولى لكم أن تجحدوا فخره، وتنسوا ذكره، فقد كفاكم ما جرى من الفضيحة عليكم في قوله من قصيدة يمدح بها خليفة:

إذا كان أملاك الزمان أراقماً ... فإنّك فيهم دائم الدهر ثعبان فما أقبح ما وقع ثعبان وما أضعف ما جاء دائم الدهر، ولقد أنشدت أحد ظرفاء الأندلس هذا البيت، فقال: لا ينكر هذا على مثل الجراوي، فسبحان من جعل نسبه وروحه وشعره تتناسب في الثقالة (١) .

وإذا أردت الافتخار بالفرسان، والتفاضل باالشجعان، فمن كان قبلنا منهم في مدة المنصور بن أبي عامر ومدة ملوك الطوائف أخبارهم مشهورةٌ، وآثارهم مذكورة، وكفاك من أبطال عصرنا ما سمعت عن الأمير أبي عبد الله ابن مردنيش وأنه كان يدفع في المواكب ويشقها يميناً ويساراً منشداً:

أكرّ على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها حتى إنه دفع يوماً في موكب من النصارى فصرع وقتل، وظهر منه ما أعجبت به نفسه، فقال لشيخ من خواصه، عالم بأمور الحرب مشهور بها: كيف رأيت فقال له: لو رآك السلطان زاد فيما لك في بيت المال، وأعلى مرتبتك، أمن يكون رأس جيش يقدم هذا الإقدام، ويتعرض بهلاك نفسه إلى هلاك جيشه (٢) فقال له: دعني فإني لا أموت مرتين، وإذا مت أنا فلا عاش من بعدي.

والقائد أبو عبد الله ابن قادس الذي اشتهر من شجاعته وما واقعه في النصارى وحسن بلائه ماصير النصارى من رعبه والإقرار بفضله في هذا الشأن أن يقول


(١) في الثقالة: سقطت من ب.
(٢) ب: هلاكهم؛ ق: هلاككم.

<<  <  ج: ص:  >  >>