للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهم لفرسه إذا سقاه فلم يقبل على الماء: ما لك أرأيت ابن قادس في الماء وهذه مرتبة عظيمة:

" والفضل ما شهدت به الأعداء " ... ولقد أخبرني من أثق به أنه خرج من عسكرٍ في كتيبة مجردة برسم الغارة على بلاد النصارى، فوقع في جمع كبير منهم، فجهد جهده في الخلاص منهم والرجوع إلى العسكر، فجعل يقاتل مه أصحابه في حالة الفرار إلى أن كبا بأحد جنده فرسه، وفرّ عنه، فناداه مستغيثاً، فقال: اصبر، ثم نظر إلى فارس من النصارى قد طرق فقال: اجر إلى هذا النصراني فخذ فرسه، وركض نحوه فأسقطه، وقال لصاحبه: اركب، فركب ونجا معه سالماً؛ وأمثال هذا كثير، وإنما جئت بحصاة من ثبير.

وأما كرم النفس وشمائل الرياسة، فأنا أحكي لك حكاية تتعجب منها، وهي مما جرى في عصرنا، وذلك أن أبا بكر ابن زهر نشأت بينه وبين الحافظ أبي بكر ابن الجد عداوة مفرطة للاشتراك في العلم والرياسة وكثرة المال والبلدية (١) ، فأجرى ابن زهر يوماً ذكره في جماعة من أصحابه، وقال: لقد آذانا هذا الرجل أشد أذية، ولم يقصر في القول عند أمير المؤمنين وعند خواص الناس وعوامهم، فقال له أحد عوامهم: إني (٢) أذكر لك عليه عقداً فيه مخاصمة في موضع مما يعز عليه من مواضعه، ومتى خاصمته في ذلك بلغت منه في النكاية أشد مبلغ، فحرج ابن زهر، وأظهر الغضب الشديد، والإنكار لذلك، وقال لوكيله: أمثلي يجازي على العداوة بما يجازي به السفل والأوباش وإني أجعل ابن الجد في حل من موضع الخصام، وأمر بأن يحمل له العقدن ثم قال: وإني


(١) وكثرة ... والبلدية: سقطت من م.
(٢) م: أنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>