للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثرني لكشف الخطب والخطب مشكلٌ ... وكلني لليث الغاب وهو هصور

فقد تخفض الأسماء وهي سواكنٌ ... ويعمل في الفعل الصريح ضمير

وتنبو الردينيّات، والطول وافر ... ويبعد وقع السهم وهو قصير ١٧ - وكان الوزير الكريم أبو محمد عبد الرحمن بن مالك المعافري (١) أحد وزراء الأندلس كثير الصنائع جزل المواهب عظيم المكارم، على سنن عظماء الملوك وأخلاق السادة، لم ير بعده مثله في رجال الأندلس، ذاكراً للفقه والحديث، بارعاً في الآداب، شاعراً مجيداً، وكاتباً بليغاً، كثير الخدم والأهل، ومن آثاره الحمام بجوفي الجامع الأعظم من غرناطة، وزاد من سقف الجامع من صحنه وعوض من أرجل قسيه أعمدة الرخام، وجلب الرؤوس والموائد من قرطبة، وفرش صحنه بكذان الصخر، ووجهه أميره علي بن يوسف بن تاشفين إلى طرطوشة برسم بنائها، فلما حلها سأل قاضيها فكتب له جملة من أهلها ممن ضعفت حاله وقل تصرفه من ذوي البيوتات، فاستعملهم أمناء، ووسع أرزاقهم، حتى كمل له ما أرد من عمله، ومن عجز أن يستعمله وصله من ماله، فصدر عنها وقد أنعش خلقاً، رضي الله تعالى عنه ورحمه.

ومن شعره في مجلس أطربه سماعه، وبسط احتشاد الأنس فيه واجتماعه، فقال (٢) :

لا تلمني إذا طربت لشجوٍ ... يبعث الأنس فالكريم طروب

ليس شقّ الجيوب حقّاً علينا ... إنّما الحقّ أن تشقّ القلوب وقطف غلام من غلمانه نوارة ومد بها يده إلى أبي نصر الفتح بن عبيد الله، فقال أبو نصر:


(١) ترجمته في القلائد: ١٧٠.
(٢) القلائد: ١٧٠؛ والنقل عنه حتى قوله " من النوى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>