للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولفظه، وقد بدا خط عذاره في خده، وكمل حسنه باجتماع الضد مع ضده، فكأنّه بسحر لحظه أبدى ليلاً في شمسن وجعل يومه في الحسن أحسن من أمس، فسأله ابن رزين أن يصنع فيه، فقال بديهاً:

تضاعف وجدي إذ تبدّى عذاره ... ونمّ فخان القلب منّي اصطباره

وقد كان ظنّي أن سيمحق ليله ... بدائع حسنٍ هام فيها نهاره

فأظهر ضدٌّ ضدّه فيه إذا وشت ... بعنبره في صفحة الخدّ ناره واستزاده، فقال بديهاً:

محيت آية النهار فأضحى ... بدر تمّ وكان شمس نهار

كان يعشي العيون نوراً إلى أن ... شغل الله خدّه بالعذار وصنع أيضاً:

عذار ألمّ فأبدى لنا ... بدائع كنّا لها في عمى

ولو لم يجنّ النهار الظلا ... م ولم يستبن كوكبٌ في السما وصنع أيضاً:

تمّت محاسن وجهه وتكاملت ... لمّا استدار به عذارٌ مونق

وكذلك البدر المنير جماله ... في أن يكنّفه سماء أزرق انتهى.

٣٢ - وحكى الحميدي (١) وغيره أن عبد الله بن عاصم صاحب الشرطة بقرطبة كان أديباً شاعراً سريع البديهة، كثير النوادر، وهو من جلساء الأمير محمد بن عبد الرحمن الأموي ملك الأندلس، وحكموا أنه دخل عليه في يوم ذي غيم،


(١) الجذوة: ٢٤٥؛ وبدائع البدائه ٢: ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>