للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانحلّ ما كان معقوداً بأنفسنا ... وانبتّ ما كان موصولاً بأيدينا

بالأمس كنّا (١) وما يخشى تفرّقنا ... واليوم نحن وما يرجى تلاقينا

يا ليت شعري ولم نعتب أعاديكم ... هل نال حظاً من العتبى أعادينا

لم نعتقد بعدكم إلاّ الوفاء لكم ... رأياً ولم نتقلّد غيره دينا

كنّا نرى اليأس تسلينا عوارضه ... وقد يئسنا فما لليأس يغرينا

بنّم وبنّا فما ابتلّت جوانحنا ... شوقاً إليكم ولا جفّت مآقينا

نكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الأسى لولا تأسّينا

حالت لفقدكم أيّامنا فغدت ... سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا

إذ جانب العيش طلقٌ من تألّفنا ... ومورد اللهو صافٍ من تصافينا

وإذ هصرنا فنون الوصل دانيةٍ ... قطوفها فجنينا منه. ما شينا

ليسق عهدكم عهد السرور فما ... كنتم لأرواحنا إلا رياحينا

لا تحسبوا نأيكم عنّا يغيّرنا ... أن طال ما غيّر النّاي المحّبينا

والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً ... منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا

يا ساري البرق غاد القصر فاسق به ... من كان صرف الهوى والودّ يسقينا

واسأل هنالك هل عنّى تذكّرنا ... إلفاً تذكره أمسى يعنّينا

ويا نسيم الصّبا بلّغ تحيّتنا ... من لو على البعد حيّا كان يحيينا

من لا يرى الدهر يقضينا مساعفةً ... فيه وإن لم يكن عنّا يقاضينا

من بيت (٢) ملكٍ كأنّ الله أنشأه ... مسكاً وقد أنشأ الله الورى طينا

أو ساقه ورقاً محضاً وتوّجه ... من ناصع التبر إبداعاً وتحسينا

إذا تأوّد آدته رفاهيةً ... توم العقود (٣) وأدمته البرى لينا


(١) الديوان: وقد نكون.
(٢) الديوان: ربيب.
(٣) ب: تدمي العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>