ودونها من صليل اللامعات حمىً ... فالبرق والرعد دون الشمس في الأفق ٣٧٦ - واجتمع بغرناطة محمد بن غالب الرصافي الشاعر المشهور ومحمد ابن عبد الرحمن الكتندي (١) الشاعر وغيرهما من الفضلاء والرؤساء، فأخذوا يوماً في أن يخرجوا لنجد أو لحور مؤمل، وهما منتزهان من أشرف وأظرف منتزهات غرناطة، ليتفرجوا ويصقلوا الخواطر بالتطلع في ظاهر البلد، وكان الرصافي قد أظهر الزهد وترك الخلاعة، فقالوا: ما لنا غنى عن أبي جعفر ابن سعيد، اكتبوا له، فصنعوا هذا الشعر وكتبوا له، وجعلوا تحته أسماءهم:
بعثنا إلى ربّ السّماحة والمجد ... ومن ما له في ملّة الظرف من ندّ
ليسعدنا عند الصبيحة في غدٍ ... لنسعى إلى الحور المؤمل أو نجد
نسرّح منّا أنفساً من شجونها ... ثوت في شجونٍ هنّ شرٌّ من اللحد
ونظفر من بخل الزّمان بساعة ... ألذّ من العليا وأشهى من الحمد
على جدول ما بين ألفاف دوحة ... تهزّ الصّبا فيها لواء من الرّند
ومن كان ذا شربٍ يخلّى بشأنه ... ومن كان ذا زهدٍ تركناه للزّهد
وما ظرفه يأبى الحديث على الطّلى ... ولا أن يديل الهزل حيناً من الجدّ
(١) ترجمة الكتندي في المغرب ٢: ٢٦٤ والتكملة: ٥٣٥ وأدباء مالقة، الورقة: ٢٧.