للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإمّا إلى جنّة أزلفت ... وإمّا إلى سقرٍ تستعر ١٠ - وقال ابن أبي زمنين (١) :

الموت في كلّ حينٍ ينشر الكفنا ... ونحن في غفلةٍ عمّا يراد بنا

لا تطمئنّ إلى الدنيا وبهجتها ... وإن توشّحت من أثوابها الحسنا

أين الأحبّة والجيران ما فعلوا ... أين الذين هم كانوا لنا سكنا

سقاهم الموت كأساً غير صافيةٍ ... فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا

تبكي المنازل منهم كلّ منسجمٍ ... بالمكرمات وترثي البر والمننا

حسب الحمام لو ابقاهم وأمهلهم ... ان لا يظنّ على معلوّةٍ حسنا وقال في المطمح: الفقيه أبو عبد الله محمد بن أبي زمنين فقيه متبتل، وزاهد لا منحرف إلى الدنيا ولا منفتل (٢) ، هجرها هجر المنحرف، وحل أوطانه فيها محل المعترف، لعلمه بارتحاله (٣) عنها وتقويضه (٤) ، وإبداله منها وتعويضه، فنظر بقلبه لا بعينه، وانتظر يوم فراقه وبينه، ولم يكن له بعد ذلك بها اشتغال، ولا في شعاب تلك المسائل إيغال، وله تواليف في الوعظ والزهد وأخبار الصالحين تدل على تخليته عن الدنيا واتراكه، والتلفت من حبائل الاغترار وأشراكه، والتنقل من حال إلى حال، والتأهب للارتحال، ويستدل به على ذلك الانتحال، فمنها قوله:

الموت في كلّ حينٍ ينشر الكفنا

فذكر الأبيات، انتهى.


(١) المطمح: ٤٩ - ٥٠ وزاد في م: في الزهد.
(٢) المطمح: متنقل.
(٣) ق ب: بارتحالها عنه.
(٤) في الأصول: وتفويضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>