للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا سطور، وإن كان الكاتب المذكور لا يحسن فيما يلقيه على القلم، فإنه يحسن كيف يصنع في مواطن الكرم، وله الوفاء الذي تحدث به فلان وفلان، بل سارت بشأنه في أقصى البلاد الركبان، وليس ذلك يقدح عندنا فيه، بل زاده لكونه دالاً على صحة الباطن والسذاجة في الإكرام والتنويه، انتهى.

ولهذا الكاتب شعر يسقط فيه سقوط الأغبياء، وقد يتنبه فيه تنبه الأذكياء، فمنه قوله في قصيدة يمدح حريزاً المذكور مطلعها:

يذكرني بهم العنبر ... وظلم ثناياهم سكّر إلى أن قال:

ولولا معاليك يا ذا النّدى ... لما كان في الأرض من يشعر

فلا تنكرنّ زحاماً على ... ذراك وفي كفّك الكوثر ومشى في موكبه وهم في سفر، وكان في فصل المطر والطين، فجعل فرسه في ذنب فرس ابن عكاشة، فلما أثارت يدا فرسه طيناً جاء في عنق أميره، ففطن لذلك الأمير، فقال له: يا أبا محمد، تقدم، فقال: معاذ الله أن أسيء الأدب بالتقدم على أميري، فقال: فإن كان ذلك فتأخر مع الخيل، فقال: مثلي لا يزال عن ركابك في مثل هذه المواضع، فقال له: فقد والله أهلكتني بما ترمي يدا فرسك علي من الطين، فقال: أعز الله الأمير، يعذرني، فوالله ما علمت أن يد فرسي تصل إلى عنقك، فضحك ابن عكاشة حتى كاد يسقط عن مركوبه.

٤٠١ - وكان بسرقسطة غلام اسمه يحيى بن يطفت من بني يفرن، قد نشأ عند ملكها المقتدر بن هود، وتخلق بالركوب والأدب، وكان في غاية الجمال والحلاوة والظرف فعلق بقلب ابن هود، وكتم حبه زماناً فلم ينكتم، فكتب له:

يا ظبي بالله قل لي ... متى ترى في حبالي

<<  <  ج: ص:  >  >>