للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبراح، ولم يتخذ سوراً غير سمر القنا وبيض الصفاح، له من العزم ردء (١) ومن الرأي كمين (٢) :

إذا صدق الحسام ومنتضيه ... فكلّ قرارةٍ حصنٌ حصين وهو من القوم الذين لا يجورون على جار، ولا يرحلون بخزية ولا يتركون من عار، دينهم دين التقوى، وإن كنت من ذلك في شك فاقدم علينا حتى يصح لك اختبار الذهب بالسبك، وأنت بالخيار في الظعن والإقامة، فإن حللت نزلت خير منزل، وإن رحلت ودعت أفضل وداع، وسرت في كنف السلامة، إذ قد شهرنا بأنا لا نقيد إلا بالإحسان، وأن ندع لاختياره كل إنسان.

٤١٦ - ومن حكايات أهل الأندلس في الجود والفضل ومكارم الأخلاق (٣) : أن أبا العرب الصقلي حضر مجلس المعتمد بن عباد، فأدخلت عليه جملة من دنانير السكة، فأمر له بخريطتين منها، وبين يديه تصاوير عنبر من جملتها صورة جمل مرصع بنفيس الدر، فقال أبو العرب: ما يحمل هذه الدنانير إلا جمل، فتبسم المعتمد وأمر له به، فقال:

أعطيتني (٤) جملاً جوناً شفعت به ... حملاً من الفضّة البيضاء لو حملا

نتاج جودك في أعطان مكرمةٍ ... لا قدّ تعرف من منعٍ ولا عقلا

فاعجب لشأني فشأني كله عجبٌ ... رفّهتني فحملت الحمل والجملا ومن نظم أبي العرب المذكور:

إلام اتباعي للأماني الكواذب ... وهذا طريق المجد بادي المذاهب


(١) في الأصول: رداء.
(٢) البيت للأعمى التطيلي، ديوانه: ٢٠٢ (البيت رقم: ٢١) .
(٣) بدائع البدائه ٢: ١٣٦.
(٤) البدائع: أجديتني.

<<  <  ج: ص:  >  >>